. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
وَأَيْضًا فَأَبُو هُرَيْرَةَ رَاوِي الْحَدِيثِ شَهِدَ قُنُوتَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَدُعَاءَهُ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ وَإِنَّمَا أَسْلَمَ أَبُو هُرَيْرَةَ بَعْدَ خَيْبَرَ فَلَا يَصِحُّ حَمْلُهُ عَلَى دُعَائِهِ عَلَى قُرَيْشٍ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ.
وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ «رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا رَأَى قُرَيْشًا اسْتَعْصَوْا عَلَيْهِ قَالَ اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَيْهِمْ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ فَأَخَذَتْهُمْ السَّنَةُ حَتَّى خَصَّتْ كُلَّ شَيْءٍ حَتَّى أَكَلُوا الْعِظَامَ وَالْجُلُودَ» وَفِي رِوَايَةٍ «الْمَيْتَةَ» بَدَلَ الْعِظَامِ «وَجَعَلَ يَخْرُجُ مِنْ الْأَرْضِ كَهَيْئَةِ الدُّخَانِ فَأَتَاهُ أَبُو سُفْيَانَ فَقَالَ أَيْ مُحَمَّدٌ إنَّ قَوْمَك هَلَكُوا فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَكْشِفَ عَنْهُمْ فَدَعَا» وَفِي رِوَايَةٍ «فَدَعَا رَبَّهُ فَكَشَفَ عَنْهُمْ فَعَادُوا فَانْتَقَمَ اللَّهُ مِنْهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ» ، فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ دُعَاءَهُ عَلَى قُرَيْشٍ قَبْلَ وَقْعَةِ بَدْرٍ وَهَذَا لَمْ يَشْهَدْهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَاَلَّذِي أَوْقَعَ الْقُرْطُبِيَّ فِي ذَلِكَ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ فِي الصَّحِيحَيْنِ ذِكْرُ «مُضَرَ» فَذَكَرَ أَوَّلَ الْحَدِيثِ إلَى قَوْلِهِ «وَحَتَّى أَكَلُوا الْعِظَامَ فَأَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتَسْقِ اللَّهَ لِمُضَرَ فَإِنَّهُمْ قَدْ هَلَكُوا فَقَالَ لِمُضَرَ إنَّك لَجَرِيءٌ قَالَ فَدَعَا لَهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّا كَاشِفُو الْعَذَابِ قَلِيلا إِنَّكُمْ عَائِدُونَ} [الدخان: ١٥] » فَذَكَرَ الْحَدِيثَ فَظَنَّ صَاحِبُ الْمُفْهِمِ أَنَّهَا قِصَّةٌ وَاحِدَةٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَقِصَّةُ الدُّعَاءِ عَلَى قُرَيْشٍ كَانَتْ قَبْلَ بَدْرٍ وَلَمْ يُنْقَلْ فِيهَا قُنُوتٌ وَلَمْ يَشْهَدْهَا أَبُو هُرَيْرَةَ وَقُرَيْشٌ هِيَ مِنْ مُضَرَ وَقِصَّةُ الْقُنُوتِ كَانَتْ بَعْدَ خَيْبَرَ بَعْدَ إسْلَامِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَكَانَ دُعَاؤُهُ فِيهَا عَلَى مُضَرَ وَهُوَ اسْمٌ جَامِعٌ لِقُرَيْشٍ وَغَيْرِهَا وَكَانَ سَبَبُ الْقُنُوتِ «قِصَّةُ بِئْرِ مَعُونَةَ الَّتِي فِيهَا السَّبْعُونَ مِنْ الْقُرَّاءِ فَقَنَتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَهْرًا يَدْعُو عَلَيْهِمْ وَعَمَّمَ الدُّعَاءَ عَلَى مُضَرَ» وَلَيْسَ بِدُعَائِهِ عَلَيْهِمْ قَبْلَ بَدْرٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَجَاءَ قَوْلُهُ «كَسِنِي يُوسُفَ» عَلَى إحْدَى اللُّغَتَيْنِ فِي أَنَّ سِنِينَ جَمْعُ سَنَةِ يُعَامَلُ مُعَامَلَةَ الْجَمْعِ فَحُذِفَ مِنْهُ النُّونُ لِلْإِضَافَةِ وَهِيَ لُغَةٌ، وَاللُّغَةُ الْفَصِيحَةُ بِإِثْبَاتِ النُّونِ دَائِمًا وَبِالْيَاءِ فَقَطْ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْعَاشِرَةُ) وَقَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ «، ثُمَّ تَرَكَ الدُّعَاءَ لَهُمْ» يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا تَرَكَ الدُّعَاءَ لِلْمُسْتَضْعَفَيْنِ الَّذِينَ كَانُوا يَدْعُو لَهُمْ لَا أَصْلَ الْقُنُوتِ وَفِي رِوَايَةِ لِمُسْلِمٍ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ فَقُلْت «أُرَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ تَرَكَ الدُّعَاءَ لَهُمْ قَالَ فَقِيلَ: وَمَا تَرَاهُمْ قَدْ قَدِمُوا، أَيْ إنَّ الَّذِينَ كَانَ يَدْعُو لَهُمْ بِالنَّجَاةِ مِنْ الْمُسْتَضْعَفِينَ نَجَّاهُمْ اللَّهُ تَعَالَى فَلَحِقُوا بِأَبِي بَصِيرٍ فَكَانُوا بِسَيْفِ الْبَحْرِ يَأْخُذُونَ مَا وَجَدُوا لِقُرَيْشٍ حَتَّى بَعَثَتْ قُرَيْشٌ إلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَسْأَلُهُ أَنْ يُرْسِلَ إلَيْهِمْ لِيَأْتُوهُ»
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute