للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا قَالَ يُتِمُّونَ الصُّفُوفَ الْمُقَدَّمَةَ وَيَتَرَاصُّونَ فِي الصَّفِّ» وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «أَقِيمُوا الصُّفُوفَ وَحَاذُوا بَيْنَ الْمَنَاكِبِ وَسُدُّوا الْخَلَلَ وَلِينُوا، وَلَا تَذَرُوا فُرُجَاتٍ لِلشَّيْطَانِ وَمَنْ وَصَلَ صَفًّا وَصَلَهُ اللَّهُ وَمَنْ قَطَعَ صَفًّا قَطَعَهُ اللَّهُ» وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوُد وَغَيْرِهِ عَنْ أَنَسٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «رُصُّوا صُفُوفَكُمْ وَقَارِبُوا بَيْنَهُمَا وَحَاذُوا بِالْأَعْنَاقِ فَوَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنِّي لَأَرَى الشَّيْطَانَ يَدْخُلُ مِنْ خَلَلِ الصَّفِّ كَأَنَّهَا الْحَذَفُ» .

وَالْأَحَادِيثُ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ (الثَّانِيَةُ) هَذَا الْأَمْرُ لِلِاسْتِحْبَابِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي تَعْلِيلِهِ «فَإِنَّ إقَامَةَ الصَّفِّ مِنْ حُسْنِ الصَّلَاةِ» قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ إقَامَةَ الصُّفُوفِ سُنَّةٌ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ فَرْضًا لَمْ يَجْعَلْهُ مِنْ حُسْنِ الصَّلَاةِ لِأَنَّ حُسْنَ الشَّيْءِ زِيَادَةٌ عَلَى تَمَامِهِ وَذَلِكَ زِيَادَةٌ عَلَى الْوُجُوبِ قَالَ وَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ «تَسْوِيَةُ الصَّفِّ مِنْ إقَامَةِ الصَّلَاةِ أَنَّ إقَامَةَ الصَّلَاةِ» .

تَقَعُ عَلَى السُّنَّةِ كَمَا تَقَعُ عَلَى الْفَرِيضَةِ لِمَا قَالَ ابْنُ بَطَّالٍ فِي قَوْلِ أَنَسٍ مَا أَنْكَرْت شَيْئًا إلَّا أَنَّكُمْ لَا تُقِيمُونَ الصُّفُوفَ لِمَا كَانَ تَسْوِيَةُ الصَّفِّ مِنْ السُّنَّةِ الَّتِي يَسْتَحِقُّ فَاعِلُهَا الْمَدْحَ عَلَيْهَا دَلَّ ذَلِكَ أَنَّ تَارِكَهَا يَسْتَحِقُّ الذَّمَّ وَالْعَتْبَ كَمَا قَالَ أَنَسٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ - غَيْرَ أَنَّ مَنْ لَمْ يُقِمْ الصُّفُوفَ لَا إعَادَةَ عَلَيْهِ أَلَا تَرَى أَنَّ أَنَسًا لَمْ يَأْمُرْهُمْ بِإِعَادَةِ الصَّلَاةِ انْتَهَى.

وَهَذَا اللَّفْظُ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي حَدِيثِ أَنَسٍ وَهُوَ قَوْلُهُ «مِنْ إقَامَةِ الصَّلَاةِ» .

هُوَ لَفْظُ الْبُخَارِيِّ وَلَفْظُ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ «مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ» وَقَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ قَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ «مِنْ تَمَامِ الصَّلَاةِ» أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ لِأَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ أَنَّهُ مِنْ أَرْكَانِهَا وَلَا وَاجِبَاتِهَا وَتَمَامُ الشَّيْءِ أَمْرٌ زَائِدٌ عَلَى حَقِيقَتِهِ الَّتِي لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِهَا فِي مَشْهُورِ الِاصْطِلَاحِ قَالَ وَقَدْ يَنْطَلِقُ بِحَسَبِ الْوَضْعِ عَلَى بَعْضِ مَا لَا تَتِمُّ الْحَقِيقَةُ إلَّا بِهِ انْتَهَى.

وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ.

وَذَهَبَ ابْنُ حَزْمٍ الظَّاهِرِيُّ إلَى وُجُوبِهِ فَقَالَ وَفُرِضَ عَلَى الْمَأْمُومِينَ تَعْدِيلُ الصُّفُوفِ الْأُوَلِ وَالتَّرَاصُّ فِيهَا وَالْمُحَاذَاةُ بِالْمَنَاكِبِ وَالْأَرْجُلِ فَإِنْ كَانَ نَقْصٌ كَانَ فِي آخِرِهَا وَمَنْ صَلَّى وَأَمَامَهُ فِي الصَّفِّ فُرْجَةٌ يُمْكِنُهُ سَدُّهَا بِنَفْسِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فِي الصَّفِّ مَدْخَلًا فَلْيَجْذِبْ إلَى نَفْسِهِ رَجُلًا يُصَلِّي مَعَهُ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيَرْجِعْ وَلَا يُصَلِّ وَحْدَهُ خَلْفَ الصَّفِّ إلَّا أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>