للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

إمَامُنَا مَرِيضًا فَصَلَّى بِنَا جَالِسًا فَصَلَّيْنَا وَرَاءَهُ جُلُوسًا» انْتَهَى.

فَهَذَانِ مَذْهَبَانِ أَحَدُهُمَا جُلُوسُ الْمَأْمُومِ مُطْلَقًا وَالثَّانِي جُلُوسُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُبَلِّغًا عَنْ الْإِمَامِ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْجُلُوسِ وَالْقِيَامِ وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ وَهُوَ غَرِيبٌ ضَعِيفٌ كَمَا سَأَذْكُرُهُ وَوَرَاءَ ذَلِكَ مَذْهَبَانِ آخَرَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ أَنْ يُصَلِّيَ خَلْفَ الْقَاعِدِ إلَّا قَائِمًا وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنِيفَةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَبِهِ قَالَ الثَّوْرِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْوَلِيدِ بْنِ مُسْلِمٍ عَنْ مَالِكٍ وَلَمْ يَحْكِ التِّرْمِذِيُّ فِي جَامِعِهِ عَنْ مَالِكٍ سِوَاهُ وَحَكَاهُ الْخَطَّابِيُّ عَنْ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ وَحَكَاهُ النَّوَوِيُّ عَنْ جُمْهُورِ السَّلَفِ وَحَكَاهُ الْمُنْذِرِيُّ عَنْ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ وَأَجَابُوا عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ «بِصَلَاتِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي مَرَضِ مَوْتِهِ قَاعِدًا وَأَبُو بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وَالنَّاسُ وَرَاءَهُ قِيَامًا» .

قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - هَذَا ثَابِتٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَنْسُوخٌ بِسُنَّتِهِ وَهِيَ مَا رَوَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ جَالِسًا وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامًا قَالَ وَهِيَ آخِرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا بِالنَّاسِ بِأَبِي وَأُمِّي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى لَحِقَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ» .

وَهَذَا لَا يَكُونُ إلَّا نَاسِخًا انْتَهَى.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ أَيْضًا فَإِنْ قِيلَ فَقَدْ «ائْتَمَّ أَبُو بَكْرٍ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالنَّاسُ بِأَبِي بَكْرٍ قِيلَ الْإِمَامُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَبُو بَكْرٍ مَأْمُومٌ عَلَمٌ لِصَلَاةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ جَالِسًا ضَعِيفَ الصَّوْتِ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ قَائِمًا يُسْمَعُ وَيُرَى» انْتَهَى.

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ قَالَ الْحُمَيْدِيُّ هَذَا مَنْسُوخٌ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامٌ» .

وَقَوْلُهُ «إذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا» هُوَ فِي مَرَضِهِ الْقَدِيمِ «ثُمَّ صَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - جَالِسًا وَالنَّاسُ خَلْفَهُ قِيَامًا» انْتَهَى.

وَأَجَابَ الْمُخَالِفُونَ لِهَذَا عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ أَحَدُهَا أَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ هُوَ الْإِمَامُ وَالنَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُقْتَدٍ بِهِ وَقَدْ وَرَدَ ذَلِكَ مُصَرَّحًا بِهِ رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُمَا لَكِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ هُوَ الْإِمَامُ وَرِوَايَةُ مُسْلِمٍ فِي صَحِيحِهِ صَرِيحَةٌ فِي ذَلِكَ لِأَنَّ لَفْظَهَا مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ «فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى جَلَسَ عَنْ يَسَارِ أَبِي بَكْرٍ قَالَتْ فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي بِالنَّاسِ جَالِسًا وَأَبُو بَكْرٍ قَائِمًا يَقْتَدِي أَبُو بَكْرٍ بِصَلَاةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيَقْتَدِي النَّاسُ بِصَلَاةِ أَبِي بَكْرٍ» .

وَلَوْ صَحَّ أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -

<<  <  ج: ص:  >  >>