للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

كَانَ مُقْتَدِيًا بِأَبِي بَكْرٍ فَهِيَ صَلَاةٌ أُخْرَى غَيْرُ الَّتِي اقْتَدَى أَبُو بَكْرٍ بِهِ فِيهَا فَقَدْ كَانَ مَرَضُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - اثْنَيْ عَشَرَ يَوْمًا فِيهِ سِتُّونَ صَلَاةً أَوْ نَحْوَهَا وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ بِقَوْلِهِ لَوْ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ مَرَّةً لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ صَلَّى خَلْفَهُ أَبُو بَكْرٍ أُخْرَى قَالَ الْبَيْهَقِيُّ وَقَدْ ذَهَبَ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ فِي مَغَازِيهِ إلَى «أَنَّ أَبَا بَكْرٍ صَلَّى مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ رَكْعَةً وَهُوَ الْيَوْمُ الَّذِي تُوُفِّيَ فِيهِ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَوَجَدَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي نَفْسِهِ خِفَّةً فَخَرَجَ فَصَلَّى مَعَ أَبِي بَكْرٍ رَكْعَةً فَلَمَّا سَلَّمَ أَبُو بَكْرٍ قَامَ فَصَلَّى الرَّكْعَةَ الْأَخِيرَةَ» .

فَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ هَذِهِ الصَّلَاةُ مُرَادَ مَنْ رَوَى أَنَّهُ صَلَّى خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ فَأَمَّا الصَّلَاةُ الَّتِي صَلَّاهَا أَبُو بَكْرٍ خَلْفَهُ فِي مَرَضِهِ فَهِيَ صَلَاةُ الظُّهْرِ يَوْمَ الْأَحَدِ أَوْ يَوْمَ السَّبْتِ كَمَا رَوَيْنَا عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي بَيَانِ الظُّهْرِ فَلَا يَكُونُ بَيْنَهُمَا مُنَافَاةٌ وَيَصِحُّ الِاحْتِجَاجُ بِالْخَبَرِ الْأَوَّلِ قُلْت وَيَدُلُّ لِهَذَا الِاحْتِمَالِ مَا رَوَاهُ النَّسَائِيّ عَنْ أَنَسٍ قَالَ «آخِرُ صَلَاةٍ صَلَّاهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ الْقَوْمِ صَلَّى فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ مُتَوَشِّحًا خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ» .

فَذَكَرَ أَنَّ صَلَاتَهُ خَلْفَ أَبِي بَكْرٍ آخِرُ صَلَوَاتِهِ مَعَ الْقَوْمِ وَقَالَ ابْنُ حَزْمٍ هُمَا صَلَاتَانِ مُتَغَايِرَتَانِ بِلَا شَكٍّ ثَانِيهَا قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ لَيْسَ فِيهِ حُجَّةٌ لِأَنَّ أَبَا بَكْرٍ كَانَ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ قَائِمًا وَإِذَا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ قَائِمًا صَلُّوا قِيَامًا قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ فَأَشَارَ أَحْمَدُ إلَى أَنَّهُ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ جَالِسًا وَالثَّانِي عَلَى مَا إذَا ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ قَائِمًا ثُمَّ اعْتَلَّ فَجَلَسَ قَالَ وَمَتَى أَمْكَنَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ وَجَبَ وَلَمْ يُحْمَلْ عَلَى النَّسْخِ انْتَهَى.

وَفِي هَذَا تَخْصِيصٌ لِمَا سَبَقَ نَقْلُهُ عَنْ أَحْمَدَ أَنَّ الْمَأْمُومِينَ يَقْعُدُونَ خَلْفَ الْإِمَامِ الْقَاعِدِ بِحَمْلِهِ عَلَى مَا إذَا كَانَ ابْتَدَأَ الصَّلَاةَ قَاعِدًا فَإِنْ ابْتَدَأَهَا قَائِمًا ثُمَّ قَعَدَ اسْتَمَرُّوا قِيَامًا.

وَفِي هَذَا جَمْعٌ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ لَكِنْ إنَّمَا يَقْوَى إذَا ظَهَرَ لِهَذَا الْحَمْلِ وَجْهٌ مُنَاسِبٌ وَإِذَا كَانَ الْمُقْتَضِي لِلْجُلُوسِ وَرَاءَ الْإِمَامِ الْجَالِسِ مُتَابَعَتَهُ فِي حَالَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا فَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَجْلِسَ فِي ابْتِدَاءِ الصَّلَاةِ أَوْ فِي أَثْنَائِهَا ثُمَّ إنَّهُ يَرُدُّهُ أَنَّ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ وَجَابِرٍ «أَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَشَارَ إلَى أَصْحَابِهِ بِالْقُعُودِ بَعْدَ أَنْ كَانُوا ابْتَدَءُوا الصَّلَاةَ قِيَامًا» . إلَّا أَنْ يُقَالَ كَانُوا قَدْ لَزِمَهُمْ الْجُلُوسُ لِجُلُوسِ إمَامِهِمْ بِخِلَافِ قَضِيَّةِ اقْتِدَائِهِمْ بِالصِّدِّيقِ فَإِنَّ إمَامَهُمْ فِي ابْتِدَاءِ

<<  <  ج: ص:  >  >>