للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

الصَّفَّ الْأَوَّلَ مُشَاهِدٌ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَا يَحْتَاجُ إلَى الِاقْتِدَاءِ بِأَبِي بَكْرٍ وَأَمَّا بَقِيَّةُ الصُّفُوفِ فَإِنَّمَا يَقْتَدُونَ بِصَوْتِ أَبِي بَكْرٍ لَا بِمُشَاهَدَتِهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللَّهُ - لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ جَالِسًا ضَعِيفَ الصَّوْتِ وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ قَائِمًا يُرَى وَيُسْمَعُ انْتَهَى أَيْ يَرَاهُ الْبَعْضُ وَيَسْمَعُهُ الْبَعْضُ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ التَّكْبِيرَ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ وَأَبُو بَكْرٍ يُسْمِعُ النَّاسَ تَكْبِيرَهُ.

(الْخَامِسُ) قَوْلُهُ لَا يَحِلُّ أَنْ يُظَنَّ بِالصَّحَابَةِ مُخَالَفَةُ أَمْرِهِ يُقَالُ لَهُ أَخَالَفَ أَفْضَلُ الصَّحَابَةِ أَمْرَهُ بِصَلَاتِهِ قَائِمًا خَلْفَ الْجَالِسِ أَمْ لَمْ يُخَالِفْ؟ وَلَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَقُولَ إنَّهُ خَالَفَ أَمْرَهُ وَإِذَا كَانَ لَمْ يُخَالِفْ فَكَذَلِكَ بَقِيَّتُهُمْ لَمْ يُخَالِفُوا أَمْرَهُ بِقِيَامِهِمْ بَلْ اسْتَدَلُّوا عَلَى الْقِيَامِ بِقِيَامِ أَبِي بَكْرٍ وَتَقْرِيرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ عَلَى الْقِيَامِ فَإِنَّهُ لَمْ يَأْمُرْ بِالْجُلُوسِ بِخِلَافِ الصَّلَاةِ الَّتِي وَقَعَتْ فِي مَرَضِهِ الْقَدِيمِ فَإِنَّهُ لَمَّا رَآهُمْ قِيَامًا أَشَارَ إلَيْهِمْ وَهُمْ فِي الصَّلَاةِ فَجَلَسُوا هَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُمْ دَلِيلٌ عَلَى النَّسْخِ قَبْلَ ذَلِكَ فَقَضِيَّةُ الصِّدِّيقِ كَافِيَةٌ فِي مَعْرِفَةِ النَّسْخِ.

(السَّادِسُ) قَوْلُهُ إنَّهُ لَوْ وَرَدَ أَنَّهُمْ صَلَّوْا قِيَامًا لَمْ يَدُلَّ عَلَى النَّسْخِ بَلْ هُوَ بَيَانٌ أَنَّ الْأَمْرَ الْأَوَّلَ كَانَ عَلَى النَّدْبِ كَلَامٌ مَرْدُودٌ وَكَيْفَ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ الْأَوَّلُ عَلَى النَّدْبِ مَعَ تَأْكِيدِهِ لَهُ بِإِشَارَتِهِ بِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ ثُمَّ تَصْرِيحِهِ بِذَلِكَ بَعْدَ سَلَامِهِ ثُمَّ تَشْبِيهِ فِعْلِهِمْ بِفِعْلِ الْكَفَرَةِ الْمَجُوسِ فَهَذِهِ كُلُّهَا قَرَائِنُ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ لِلتَّحْرِيمِ. وَالْفَرْضُ أَنَّ ابْنَ حَزْمٍ مِمَّنْ يَقُولُ إنَّهُ عَلَى التَّحْرِيمِ وَإِنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى بَقِيَّةِ الْمَأْمُومِينَ غَيْرِ الْمُبَلِّغِ أَنْ يَقُومَ خَلْفَ الْإِمَامِ الْجَالِسِ وَمَتَى وَرَدَ الْقِيَامُ بَعْدَ الْأَمْرِ بِالْجُلُوسِ لَا يَكُونُ إلَّا نَاسِخًا.

(السَّابِعُ) هَذِهِ الْمَقَالَةُ الَّتِي ذَهَبَ إلَيْهَا ابْنُ حَزْمٍ وَهِيَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُبَلِّغِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمَأْمُومِينَ قَوْلٌ مُخْتَرَعٌ لَمْ يُسْبَقْ إلَيْهِ وَالْأَكْثَرُونَ مِنْ الْأُصُولِيِّينَ عَلَى امْتِنَاعِ ذَلِكَ فَهَذَا الَّذِي ذَكَرْته مِنْ الْجَوَابِ عَنْ حَدِيثِ الْبَابِ بِأَنَّهُ مَنْسُوخٌ هُوَ الْجَوَابُ الْمُعْتَمَدُ وَالِاعْتِرَاضَاتُ عَلَيْهِ مَرْدُودَةٌ كَمَا ذَكَرْته (وَأَجَابَ) بَعْضُهُمْ عَنْهُ بِحَمْلِ قَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «وَإِذَا صَلَّى جَالِسًا فَصَلُّوا جُلُوسًا» .

عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ فِي حَالَةِ الْجُلُوسِ كَالتَّشَهُّدِ وَنَحْوِهِ فَاجْلِسُوا وَلَا تُخَالِفُوهُ بِالْقِيَامِ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ «إذَا صَلَّى قَائِمًا فَصَلُّوا قِيَامًا» أَيْ إذَا كَانَ فِي حَالَةِ الْقِيَامِ فَقُومُوا وَلَا تُخَالِفُوهُ بِالْقُعُودِ وَحَكَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ بَعْضِ الْعِرَاقِيِّينَ مِمَّنْ كَانَ يَنْتَحِلُ مَذْهَبَ الْكُوفِيِّينَ

<<  <  ج: ص:  >  >>