. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ــ
[طرح التثريب]
فَحَرَّفَ الْخَبَرَ عَنْ عُمُومِ مَا وَرَدَ فِيهِ بِغَيْرِ دَلِيلٍ يَثْبُتُ لَهُ عَلَى تَأْوِيلِهِ وَكَذَا اسْتَبْعَدَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ وَالشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي شَرْحِ الْعُمْدَةِ وَقَالَا إنَّهُ يُنَافِيهِ قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فَأَشَارَ إلَيْهِمْ أَنْ اجْلِسُوا وَتَعْلِيلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - ذَلِكَ بِمُوَافَقَةِ الْأَعَاجِمِ فِي الْقِيَامِ عَلَى مُلُوكِهِمْ.
وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَرُدُّهُ وَأَجَابَ بَعْضُهُمْ عَنْهُ بِأَنَّ هَذَا خَاصٌّ بِالنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَهَذَا أَيْضًا ضَعِيفٌ فَالْأَصْلُ عَدَمُ التَّخْصِيصِ فَلَا يُصَارُ إلَيْهِ إلَّا بِدَلِيلٍ (الْمَذْهَبُ) الثَّانِي وَهُوَ الرَّابِعُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ صَلَاةُ الْقَادِرِ عَلَى الْقِيَامِ خَلْفَ الْقَاعِدِ لِعُذْرٍ لَا قَائِمًا وَلَا قَاعِدًا وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ الْمَشْهُورُ عَنْهُ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ وَحَكَاهُ ابْنُ بَطَّالٍ عَنْ الثَّوْرِيِّ قَالَ ابْنُ حَزْمٍ مَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ التَّابِعِينَ قَالَ ذَلِكَ إلَّا مَا رُوِيَ عَنْ مُغِيرَةَ بْنِ مِقْسَمٍ أَنَّهُ قَالَ أَكْرَهُ ذَلِكَ قَالَ وَلَيْسَ هَذَا مَنْعًا مِنْ جَوَازِهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُ مَالِكٍ فِي إمَامَةِ الْمَرِيضِ بِالْمَرْضَى جُلُوسًا قَالَ فَأَجَازَهَا بَعْضُهُمْ.
وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ وَكَرِهَهَا أَكْثَرُهُمْ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ انْتَهَى.
وَأَجَابُوا عَنْ الْحَدِيثَيْنِ مَعًا بِأَنَّهُمَا مَنْسُوخَانِ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا يَؤُمَّنَّ أَحَدٌ بَعْدِي جَالِسًا» وَبِفِعْلِ الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ وَأَنَّهُ لَمْ يَؤُمَّ أَحَدٌ مِنْهُمْ قَاعِدًا وَإِنْ كَانَ النَّسْخُ لَا يُمْكِنُ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمُثَابَرَتُهُمْ عَلَى ذَلِكَ تَشْهَدُ بِصِحَّةِ نَهْيِهِ عَنْ إمَامَةِ الْقَاعِدِ بَعْدَهُ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ.
وَهَذَا أَوْلَى الْأَقَاوِيلِ لِأَنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لَا يَصِحُّ التَّقَدُّمُ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الصَّلَاةِ وَلَا غَيْرِهَا لَا لِعُذْرٍ وَلَا لِغَيْرِ عُذْرٍ وَقَدْ نَهَى اللَّهُ تَعَالَى الَّذِينَ آمَنُوا عَنْ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ أَحَدٌ شَافِعًا لَهُ وَقَدْ قَالَ «أَئِمَّتُكُمْ شُفَعَاؤُكُمْ» .
وَلِذَلِكَ قَالَ أَبُو بَكْرٍ مَا كَانَ لِابْنِ أَبِي قُحَافَةَ أَنْ يَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَغَيْرُهُ إذَا أَصَابَهُ عُذْرٌ قَدَّمَ غَيْرَهُ وَلَمْ يَكُنْ لِيُقَدِّمَهُ مَعَ نَقْصِ صَلَاتِهِ وَهُوَ يَجِدُ الْعِوَضَ لَكِنَّ إمَامَةَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ بِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - تُعَارِضُ هَذَا «وَقَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِبِلَالٍ حِينَ أَرَادَ تَأْخِيرَهُ دَعْهُ وَصَلَاتَهُ خَلْفَهُ مَا أَدْرَكَهُ» .
وَقَدْ يُقَالُ فِي قَضِيَّةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ إنَّهَا مُخْتَصَّةٌ عَنْ هَذَا الْأَصْلِ لِبَيَانِ حُكْمِ الْقَضَاءِ بِفِعْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِمَنْ فَاتَهُ مِنْ الصَّلَاةِ شَيْءٌ وَإِنَّ تَقَدُّمَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - هُنَا مِنْ بَابِ الْأَوْلَى لَا مِنْ بَابِ الْوَاجِبِ وَفِي قَضِيَّةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مِنْ بَابِ الْوَاجِبِ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute