للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

جَعَلْنَاهُ مُتَعَلِّقًا بِقَوْلِهِ الْآخِرُونَ اتَّجَهَ كَوْنُهَا بِمَعْنَى مِنْ أَجْلِ أَيْ نَحْنُ الْآخِرُونَ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِنَا وَهُوَ بَعِيدٌ كَمَا قَالَ لِبُعْدِهِ فِي اللَّفْظِ وَلِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَوْجِيهِ كَوْنِنَا الْآخِرِينَ بِهَذَا فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ مَعْلُومٌ إنَّمَا الَّذِي يَحْتَاجُ إلَى تَوْجِيهِهِ كَوْنُنَا السَّابِقِينَ وَقَدْ بَيَّنَ وَجْهَهُ وَهُوَ السَّبْقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى الْحُظُوظِ الْأُخْرَوِيَّةِ مِنْ الْإِرَاحَةِ مِنْ كَرْبِ الْمَوْقِفِ وَدُخُولِ الْجَنَّةِ وَقَدْ يُقَالُ إذَا كَانَ السَّبْقُ مُقَيَّدًا بِكَوْنِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَلَا حَاجَةَ إلَى أَنْ يُسْتَثْنَى إيتَاؤُهُمْ الْكِتَابَ قَبْلَنَا لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَإِنَّمَا هُوَ فِي الدُّنْيَا فَالْمَذْكُورُ أَوَّلًا وَهُوَ سَبْقُنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا اسْتِثْنَاءَ فِيهِ فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ هَذَا فِي مَعْنَى الِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ إيتَاؤُهُمْ الْكِتَابَ قَبْلَنَا فِي الدُّنْيَا يَظْهَرُ لَهُ ثَمَرَةٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَكُونُ هَذَا مُسْتَثْنًى مِنْ سَبْقِنَا إلَى الْحُظُوظِ الْأُخْرَوِيَّةِ أَيْ إلَّا ثَمَرَةَ إيتَائِهِمْ قَبْلَنَا الْكِتَابَ يَظْهَرُ فِيهِ سَبْقُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَفِيهِ بُعْدٌ وَهُوَ مُحْتَاجٌ إلَى زِيَادَةِ نَظَرٍ وَذَكَرَ الْقَاضِي عِيَاضٌ أَنَّهُ وَقَعَ عِنْدَ بَعْضِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ بِأَيْدٍ بِكَسْرِ الْبَاءِ بَعْدَهَا هَمْزَةٌ مَفْتُوحَةٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [الذاريات: ٤٧] أَيْ بِقُوَّةٍ أَعْطَانَاهَا اللَّهُ وَفَضَّلَنَا بِهَا لِقَبُولِ أَمْرِهِ وَطَاعَتِهِ قَالَ وَعَلَى هَذَا تَكُونُ إنَّهُمْ مَكْسُورَةً لِابْتِدَاءِ الْكَلَامِ وَاسْتِئْنَافِ التَّفْسِيرِ قَالَ وَقَدْ صَحَّتْ وَالصَّوَابُ الْأَوَّلُ عِنْدَ أَكْثَرِهِمْ انْتَهَى.

وَاعْلَمْ أَنَّ الْحَدِيثَ فِي مُسْنَدِ الشَّافِعِيِّ مِنْ طَرِيقِ طَاوُسٍ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ بَيْدَ كَمَا هُوَ الرِّوَايَةُ الْمَشْهُورَةُ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ عَنْ الْأَعْرَجِ وَمِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ أَبِي سَلَمَةَ كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ بِأَيْدٍ وَاخْتَلَفَتْ النُّسَخُ فِي ضَبْطِهِ فَفِي بَعْضِهَا مَفْتُوحُ الْآخِرِ مِثْلُ بَيْدَ إلَّا أَنَّهُ زَادَ أَلِفًا بِكَسْرِ الْبَاءِ فَكَسَرَ لِذَلِكَ الْيَاءَ لِالْتِقَاءِ السَّاكِنَيْنِ وَفِي بَعْضِهَا بِأَيْدٍ وَمَعْنَاهُ بِقُوَّةٍ كَمَا حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ بَعْضِ رُوَاةِ مُسْلِمٍ وَالْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي النِّهَايَةِ فَقَالَ وَجَاءَ فِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ بِأَيْدٍ أَنَّهُمْ وَلَمْ أَرَهُ فِي اللُّغَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى ثُمَّ قَالَ وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهَا بِأَيْدٍ أَيْ بِقُوَّةٍ وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ أَبِي الزِّنَادِ بِلَفْظِ بِأَيْدٍ وَهُوَ مَضْبُوطٌ فِي الْأَصْلِ بِفَتْحِ آخِرِهِ وَالشَّافِعِيُّ لِمَا رَوَاهُ كَذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي الزِّنَادِ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ عَنْهُ.

١ -

(الرَّابِعَةُ) قَوْلُهُ أُوتُوا الْكِتَابَ أَيْ أُعْطُوهُ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ وَالْكِتَابُ التَّوْرَاةُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِهِ التَّوْرَاةُ وَالْإِنْجِيلُ بِدَلِيلِ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ بَعْدَ هَذَا الْيَهُودَ

<<  <  ج: ص:  >  >>