للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

فِيهِ) فَوَائِدُ:

{الْأُولَى} أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الشَّيْخَانِ أَيْضًا وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ ابْنِ طَاوُسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ وَفِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ «تَحْتَ الْكَثِيبِ الْأَحْمَرِ» ، وَقَدْ جَمَعَ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةُ بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ فِي مَتْنٍ وَاحِدٍ وَهُمَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ حَدِيثَيْنِ كَمَا تَرَى، وَقَدْ ظَهَرَ بِذَلِكَ أَنَّ لِمَعْمَرٍ فِيهِ إسْنَادَيْنِ.

{الثَّانِيَةُ} قَالَ الْمَازِرِيُّ: هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا تَطْعَنُ بِهِ الْمُلْحِدَةُ وَتَتَلَاعَبُ بِنَقْلِهِ الْآثَارُ لِسَبَبِهِ وَتَقُولُ كَيْفَ يَجُوزُ عَلَى نَبِيٍّ مِثْلِ مُوسَى أَنْ يَفْقَأَ عَيْنَ مَلَكٍ وَكَيْفَ تُفْقَأُ عَيْنُ الْمَلَكِ وَلَعَلَّهُ لَمَّا جَاءَ عِيسَى أَذْهَبَ عَيْنَهُ الْأُخْرَى فَعَمِيَ وَلِأَصْحَابِنَا عَنْ هَذَا ثَلَاثَةُ أَجْوِبَةٍ قَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ الْمَلَكَ يُتَصَوَّرُ فِي أَيِّ الصُّوَرِ شَاءَ مِمَّا يُقَدِّرُهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهَا، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا} [مريم: ١٧] وَقِيلَ إنَّهُ تَمَثَّلَ لَهَا فِي صُورَةِ رَجُلٍ يُسَمَّى تَقِيًّا وَلِهَذَا {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا} [مريم: ١٨] ، وَقَدْ تَمَثَّلَ جِبْرِيلَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِصُورَةِ دِحْيَةَ وَقَالَ أَصْحَابُ هَذِهِ الطَّرِيقَةِ إنَّ هَذِهِ الصُّورَةَ قَدْ تَكُونُ تَخَيُّلًا فَيَكُونُ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَقَأَ عَيْنًا مُخَيَّلَةً لَا عَيْنًا حَقِيقِيَّةً وَهَذَا الْجَوَابُ عِنْدِي لَا يُقْنِعُهُمْ وَيَقُولُونَ: إنَّهُ عَلِمَ أَنَّهُ مَلَكٌ وَأَنَّ ذَلِكَ تَخَيُّلٌ فَكَيْفَ يَصُكُّهُ وَيُقَابِلُهُ بِهَذِهِ الْمُقَابَلَةِ وَهَذَا لَا يَلِيقُ بِالنَّبِيِّينَ (وَقَالَ آخَرُونَ مِنْ أَصْحَابِنَا) الْحَدِيثُ فِيهِ تَجَوُّزٌ إذَا حُمِلَ عَلَيْهِ انْدَفَعَ طَعْنُ الْمُلْحِدَةِ وَمَحْمَلُهُ أَنَّ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - حَاجَّهُ وَأَوْضَحَ الْحُجَّةَ لَدَيْهِ يُقَالُ فَقَأَ عَيْنَ فُلَانٍ إذَا غَلَبَهُ بِالْحُجَّةِ وَيُقَالُ عَوَّرْت هَذَا الْأَمْرَ إذَا أَدْخَلْت نَقْصًا فِيهِ وَهَذَا قَدْ يُبْعِدُ مِنْ ظَاهِرِ اللَّفْظِ لِقَوْلِهِ فَرَدَّ اللَّهُ إلَيْهِ عَيْنَيْهِ فَإِنْ قَالُوا فَرَدَّ اللَّهُ إلَيْهِ حُجَّتَهُ كَانَ كَذَلِكَ بَعِيدًا عَنْ مُقْتَضَى سِيَاقِ الْكَلَامِ (وَجَوَابٌ ثَالِثٌ) مَالَ إلَيْهِ بَعْضُ أَئِمَّتِنَا مِنْ الْمُتَكَلِّمِينَ وَهُوَ مِثْلُ مَا قَالُوهُ فِيهِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ أَنْ يَكُونَ مُوسَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَذِنَ اللَّهُ لَهُ فِي هَذِهِ اللَّطْمَةِ مِحْنَةً لِلْمَلْطُومِ وَهُوَ سُبْحَانَهُ يَتَعَبَّدُ خَلْقَهُ بِمَا شَاءَ وَلَا أَحَدَ مِنْ عِبَادِهِ يَمْنَعُهُ فَضِيلَتُهُ مِنْ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ بِمَا شَاءَ (وَيَظْهَرُ لِي جَوَابٌ رَابِعٌ) وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ مَلَكٌ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَظَنَّ أَنَّهُ رَجُلٌ أَتَاهُ يُرِيدُ نَفْسَهُ فَدَافَعَهُ عَنْهَا مُدَافَعَةً أَدَّتْ إلَى فَقْءِ عَيْنِهِ وَهَذَا سَائِغٌ فِي شَرِيعَتِنَا أَنْ يُدَافِعَ الْإِنْسَانُ عَنْ نَفْسِهِ مَنْ أَرَادَ قَتْلَهُ وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِ الطَّالِبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>