للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

[طرح التثريب]

لَهُ فَضْلًا عَنْ فَقْءِ عَيْنِهِ، وَفِي الصَّحِيحِ إبَاحَتُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فَقْءَ عَيْنِ مَنْ اطَّلَعَ عَلَى قَوْمٍ بِغَيْرِ، إذْنِهِمْ، وَإِنَّمَا يَبْقَى عَلَى هَذَا الْجَوَابِ أَنْ يُقَالَ فَقَدْ رَجَعَ إلَيْهِ ثَانِيَةً وَاسْتَسْلَمَ لَهُ مُوسَى فَدَلَّ عَلَى مَعْرِفَتِهِ بِهِ قُلْنَا قَدْ يَكُونُ أَتَاهُ فِي الثَّانِيَةِ بِعَلَامَةٍ عَلِمَ بِهَا أَنَّهُ مَلَكُ الْمَوْتِ وَأَنَّهُ قَالَ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ فَاسْتَسْلَمَ لِأَمْرِ اللَّهِ وَأَحْسَنُ مَا اُعْتُمِدَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ هَذَا الْجَوَابُ الَّذِي ظَهَرَ لَنَا وَالْجَوَابُ الثَّالِثُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ بَعْضِ أَئِمَّتِنَا وَعِنْدِي أَنَّ جَوَابَنَا أَرْجَحُ مِنْهُ اهـ كَلَامُ الْمَازِرِيِّ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ لَيْسَ فِي لَطْمِ مُوسَى لِمَلَكِ الْمَوْتِ مَا يُعَظَّمُ وَيُشَنَّعُ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِأَعْظَمَ مِنْ أَخْذِهِ بِرَأْسِ أَخِيهِ وَلِحْيَتِهِ وَجَرِّهِ إيَّاهُ وَهُوَ نَبِيٌّ مُكَرَّمٌ كَمَا ذَلِكَ مَلَكٌ مُعَظَّمٌ وَالنَّبِيُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ أَفْضَلُ مِنْ الْمَلَكِ وَمُوسَى فَاعِلٌ بِاجْتِهَادِهِ فِي ذَاتِ اللَّهِ مَا رَآهُ مِنْ جَرِّ هَذَا إلَيْهِ وَدَفْعِ ذَلِكَ عَنْهُ وَأَمَّا فَقْؤُهُ عَيْنَهُ فَلَمْ يَتَعَمَّدْ ذَلِكَ لَكِنْ لَمَّا لَطَمَهُ حَدَثَ بِقُدْرَةِ اللَّهِ عِنْدَ ذَلِكَ فَقْءُ عَيْنِهِ فَهُوَ الْفَعَّالُ لِمَا يُرِيدُ قَالَ وَالْوَجْهُ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمَازِرِيُّ أَنَّهُ ظَهَرَ لَهُ وَحَسَنُهُ هُوَ حَسَنٌ وَهُوَ تَأْوِيلُ أَبِي بَكْرِ بْنِ خُزَيْمَةَ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُتَقَدِّمِينَ اهـ وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ الْقُرْطُبِيُّ ظَهَرَ لِي وَجْهٌ حَسَنٌ يَحْسِمُ مَادَّةَ الْإِشْكَالِ وَهُوَ أَنَّ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عَرَفَ مَلَكَ الْمَوْتِ فَلَطَمَهُ فَانْفَقَأَتْ عَيْنُهُ امْتِحَانًا وَأَنَّهُ جَاءَ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ لَكِنَّهُ جَاءَ مَجِيءَ الْجَازِمِ بِأَنَّهُ قَدْ أُمِرَ بِقَبْضِ رُوحِهِ مِنْ غَيْرِ تَخْيِيرٍ وَعِنْدَ مُوسَى مَا قَدْ نَصَّ عَلَيْهِ نَبِيُّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَا يَقْبِضُ رُوحَ نَبِيٍّ حَتَّى يُخَيِّرَهُ فَلَمَّا جَاءَهُ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الَّذِي أُعْلِمَ بِهِ بَادَرَ بِشَهَامَتِهِ وَقُوَّةِ نَفْسِهِ إلَى أَدَبِ مَلَكِ الْمَوْتِ فَلَطَمَهُ فَانْفَقَأَتْ عَيْنُهُ امْتِحَانًا لِمَلَكِ الْمَوْتِ، إذْ لَمْ يُصَرِّحْ لَهُ بِالتَّخْيِيرِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا أَنَّهُ لَمَّا رَجَعَ إلَيْهِ مَلَكُ الْمَوْتِ فَخَيَّرَهُ بَيْنَ الْحَيَاةِ وَالْمَوْتِ اخْتَارَ الْمَوْتَ وَاسْتَسْلَمَ هَذَا الْوَجْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ أَصَحُّ مَا قِيلَ فِيهِ وَأَسْلَمُ اهـ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ أَيْضًا فِي الْوَجْهِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَالْمَازِرِيِّ هُوَ وَجْهٌ حَسَنٌ غَيْرَ أَنَّهُ اعْتَرَضَ بِبَاقِي الْحَدِيثِ وَهُوَ «أَنَّ مَلَكَ الْمَوْتِ لَمَّا رَجَعَ إلَى اللَّهِ قَالَ يَا رَبِّ أَرْسَلْتنِي إلَيَّ عَبْدٍ لَا يُرِيدُ الْمَوْتَ» فَلَوْ لَمْ يَعْرِفْهُ مُوسَى، وَإِنَّمَا دَافَعَهُ عَنْ نَفْسِهِ لَمَا صَدَقَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْ مَلَكِ الْمَوْتِ اهـ. فَإِنْ قُلْت إذَا كَانَ أَجَلُ مُوسَى - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَدْ حَضَرَ فَكَيْفَ تَأَخَّرَ مُدَّةَ هَذِهِ الْمُرَاجَعَةِ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَحْضُرْ فَكَيْفَ جَاءَ الْمَلَكُ لِيَقْبِضَ رُوحَهُ قَبْلَ حُضُورِهِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>