«لَا حَسَدَ إلَّا فِي اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ فِي الْحَقِّ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ» ..
ــ
[طرح التثريب]
الْقُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ فِي الْحَقِّ آنَاءَ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ» . {فِيهِ} فَوَائِدُ: {الْأُولَى} أَخْرَجَهُ الْأَئِمَّةُ السِّتَّةُ خَلَا أَبَا دَاوُد مِنْ رِوَايَةِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ رِوَايَةِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ كِلَاهُمَا عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ سَمِعْت مِنْ سُفْيَانَ مِرَارًا لَمْ أَسْمَعْهُ يَذْكُرُ الْخَبَرَ، أَيْ يَذْكُرُ أَخْبَارَ الزُّهْرِيِّ لَهُ إنَّمَا أَتَى بِلَفْظِ قَالَ الزُّهْرِيُّ. قَالَ وَهُوَ صَحِيحٌ مِنْ حَدِيثِهِ.
{الثَّانِيَةُ} قَالَ النَّوَوِيُّ قَالَ الْعُلَمَاءُ الْحَسَدُ قِسْمَانِ حَقِيقِيٌّ وَمَجَازِيٌّ فَالْحَقِيقِيُّ تَمَنِّي زَوَالِ النِّعْمَةِ عَنْ صَاحِبِهَا وَهَذَا حَرَامٌ بِإِجْمَاعِ الْأُمَّةِ مَعَ النُّصُوصِ الصَّحِيحَةِ؛ وَأَمَّا الْمُجَازِي فَهُوَ الْغِبْطَةُ وَهُوَ أَنْ يَتَمَنَّى مِثْلَ النِّعْمَةِ الَّتِي عَلَى غَيْرِهِ مِنْ غَيْرِ زَوَالِهَا عَنْ صَاحِبِهَا فَإِنْ كَانَتْ مِنْ أُمُورِ الدُّنْيَا كَانَتْ مُبَاحَةً وَإِنْ كَانَتْ طَاعَةً فَهِيَ مُسْتَحَبَّةٌ وَالْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ لَا غِبْطَةً مَحْمُودَةً إلَّا فِي هَاتَيْنِ الْخَصْلَتَيْنِ وَمَا فِي مَعْنَاهُمَا انْتَهَى وَلِهَذَا بَوَّبَ الْبُخَارِيُّ عَلَى حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ بِمَعْنَى حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا بَابُ الِاغْتِبَاطِ فِي الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ فَأَشَارَ إلَى أَنَّ إطْلَاقَ الْحَسَدِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَجَازٌ، وَإِنَّمَا هُوَ اغْتِبَاطٌ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تَمَنِّي زَوَالِ نِعْمَةِ الْإِنْفَاقِ وَالْقِرَاءَةِ عَنْ صَاحِبِهَا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنْ يَكُونَ لَهُ مِثْلُهَا قَوْلُهُ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ وَهُوَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ «لَا تَحَاسُدَ إلَّا فِي اثْنَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ الْقُرْآنَ فَهُوَ يَتْلُوهُ مِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ وَآنَاءِ النَّهَارِ فَهُوَ يَقُولُ لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ هَذَا فَعَلْت كَمَا يَفْعَلُ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَهُوَ يُنْفِقُهُ فِي حَقِّهِ فَيَقُولُ لَوْ أُوتِيتُ مِثْلَ مَا أُوتَى هَذَا عَمِلْت فِيهِ مِثْلَ مَا يَعْمَلُ» .
وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي كَبْشَةَ الْأَنْمَارِيِّ مَرْفُوعًا «إنَّمَا الدُّنْيَا لِأَرْبَعَةِ نَفَرٍ، عَبْدٌ رَزَقَهُ اللَّهُ مَالًا وَعِلْمًا فَهُوَ يَتَّقِي فِيهِ رَبَّهُ وَيَصِلُ فِيهِ رَحِمَهُ وَيَعْلَمُ لِلَّهِ فِيهِ حَقًّا فَهَذَا بِأَفْضَلِ الْمَنَازِلِ، وَعَبْدٌ رَزَقَهُ اللَّهُ عِلْمًا وَلَمْ يَرْزُقْهُ مَالًا فَهُوَ صَادِقُ النِّيَّةِ يَقُولُ لَوْ أَنَّ لِي مَالًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute