ركب حتى أتى الموقف، وإذا عرف ذلك فقوله:"فراح إلى الموقف" يجوز أن يريد من نمرة إلى الموضع الذي خطب فيه وصلى وهو مسجد إبراهيم - عليه السلام -، وصدره من وادي عُرنة ومؤخره من عرفات، وليست عرنة من عرفات؛ ويجوز أن يريد أنه راح من منى على صوب عرفات لغرض الوقوف، ولا بأس بإطلاق الرواح علي هذا التقدير وإن كان ذلك المسير في صدر النهار، كما قال - صلى الله عليه وسلم - في حديث الجمعة:"من راح في الساعة الأولى، ومن راح في الثانية"(١).
وقوله:"إلى الموقف بعرفة" عرفة كلها موقف، ويشبه أن يكون المراد منه ومما في الرواية الأخرى: أنه ركب حتى أتى الموقف موقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من عرفات، وهو عند جبل الرحمة في وسط عرصةِ عرفات.
وفي الحديث دليل على أنه يخطب الإِمام في هذا اليوم خطبتين، وعلى أن الأذان مؤخر عن الخطبة الأولى خلافًا لما قال أبو حنيفة: أنه يقدم عليها كما في الجمعة، وعلى (١/ ق ٥٤ - أ) أن الفراغ من الخطبة ينبغي أن يكون مع الفراغ من الأذان وبه قال أكثر الأصحاب، خلافًا لما قال بعضهم: أنه يفرغ من الخطبة مع فراغ المؤذن من الإقامة، وقد يشعر لفظ الحديث بتوسيط الأذان بين الخطبتين؛ لأنه قال:"ثم أذن بلال ثم أخذ النبي - صلى الله عليه وسلم - في الخطبة الثانية" لكن المشهور والمذكور في المذهب: أنه يأخذ الإِمام في الخطبة الثانية والمؤذن في الأذان وحملوا "ثم" في قوله: "ثم أخذ" على الواو.
وقوله:"ففرغ من الخطبة وبلال من الأذان" على أن الفراغين وقعا
(١) رواه البخاري (٨٧٧)، ومسلم (٨٥٠/ ١٠) من حديث أبي هريرة.