للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

معًا، واحتج الشافعي بالحديث على أن من جمع بين الصلاتين في وقت الأولى منهما يؤذن للأولى ويقيم ولا يؤذن للثانية، بل يقتصر على الإقامة؛ لأنه ذكر الأذان والإقامة للظهر ولم يذكر للعصر إلا الإقامة، وهذا ظاهر المذهب وعن بعض الأصحاب وجه: أنه يؤذن لكل واحدة منهما.

وأما الحديث الثاني: فقد ذكر الأئمة أن الجمع بين الظهر والعصر بعرفات ليس من حديث ابن أبي ذئب عن ابن شهاب، لكن حديثه: ما رواه المزني، عن الشافعي، عن عبد الله بن نافع، عن ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن سالم، عن أبيه؛ أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى المغرب والعشاء بالمزدلفة جميعًا لم يناد في واحدة منهما إلا بإقامة (١).

وكذلك رواه ابن وهب، ووكيع، ويزيد بن هارون، وآدم بن أبي إياس، عن ابن أبي ذئب، ومن رواية آدم أخرجه البخاري في "الصحيح" (٢) وأراد الشافعي في "الأم" أن يروي هذا الحديث ثم قطعه وكذلك أورد أبو العباس.

وقوله: "يعني بذلك" إن أراد أنه روي بهذِه الرواية مثل حديث جابر فهو غير مساعد عليه، ويمكن أن ينزل على القدر المشترك بين الحديثين وهو أنه لم يؤذن لما بعد الأولى ولم يأمر به النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأخذ


(١) قال البيهقي في "بيان خطأ من أخطأ على الشافعي" (١/ ١٥١ - ١٥٢): وأخبرنا أبو زكريا، ثنا أبو العباس ... عن سالم عن أبيه [فساق إسناده] انقطع الحديث من "الأصل" فظن أبو العباس رحمه الله أنه إسناد آخر للحديث الأول [يعني حديث جابر الذي قبله] فقال فيه: "يعني بذلك"، وليس كذلك؛ وإنما أراد حديث الجمع بمزدلفة بإقامة واحدة والذي يدل عليه رواية المزني ... فساق الحديث الذي ساقه المصنف.
(٢) "صحيح البخاري" (١٦٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>