للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ودعبل شيطانه من الجن الآبدين، سكان الفلوات الذين يلمون بالناس أحيانًا ليصرعوهم. وقد ذكر الرواة أنه كان يألف القفار وربما صاحب جماعة الشطار واللصوص وربما قطع الطريق، وهو في كل ذلك يلم بالحضر. وما كان يفعل ذلك إلا ليفتك بعظيم أو خليفة، بهجاء يصمه به آخر الدهر.

وديك الجن، وهو من معاصري دعبل، قد كان شيطانه من العُمار وهم الجن الذين يسكنون البيوت. وقد كان صاحب طريقة من النظم عسى أن يكون سبق بها أبا تمام لما كان يستعمله من البديع والإغراب. وروي له ابن رشيق أنه ألم به دعبل فأنشده قوله:

كأنها ما كأنه خلل الخلة ... وقف الحبيب إذ بغما

وإنما أراد أن يروعه بهذا، فأنكره دعبل عليه وسخر منه.

وقد كان ديك الجن قبيح المذهب فاجرًا. ويذكر عنه إنه اتخذ جارية وغلامًا للذاته، ثم لما أنست الجارية إلى الغلام وزنها هو بريبة قتلهما، وجعل يرثيها ليكفر عن ذنبه. وذلك لا يكفره. ولعله نظم مرثيتهما وهما حيان ثم قتلهما بعد ذلك. وحسبك هذا من شره.

والحسين بن الضحاك الخليع من العمار أيضًا، إلا أن شيطانه أسكن حالاً وأنعم بالاً من شيطان ديك الجن، وقد غبر زمانًا طويلاً، وقد كان رحمه الله مبتلى بالغلمان، وله فيهم أشعار ذكرها صاحب الأغاني غاية في الرفث والخبث وأعجب كيف غفل النقاد المعاصرون عنه، واتهموا أبا نواس دونه.

ولك بعد أيها القارئ الكريم أن تجمع بخيالك، فتتمثل لأبي تمام شيطانًا تظاهر بالإيمان واتخذ سمت القضاة، وهذا ما نعته به ابن رشيق، وتتمثل لبشار شيطانًا تظاهر بالإيمان واتخذ سمت القضاة، وهذا ما نعته به ابن رشيق، وتتمثل لبشار شيطانًا من قبيل الغيلان، وللبحتري عفريتًا سمع القرآن وآمن، ولأبي الطيب آخر

<<  <  ج: ص:  >  >>