عاري الظنابيب مُمتد نواشره ... مدلاج أسحم واهي الماء غساق
فذاك همي وغزوي أستغيث به ... إذا استغثت بضافي الرأس نغاق
كالحقف حدأه النامون قُلت له ... ذو ثلتين وذو بهم وأرباق
وكلمة تأبط شرا الكافية التي مدح بها صديقه شمس بن مالك، تجمع أطراف مذهب الصعلكة من بسالة واعتداد بالذات واكتفاء بها وغلو في طلب الحرية مع التزام لأدب النفس:
وإني لمُهد من ثنائي فقاصد ... به لابن عم الصدق شمس بن مالك (١)
أهز به في ندوة الحي عطفه ... كما هز عطفي بالهجان الأوارك
قليل التشكي للمهم يصيبه ... كثير الهوى شتى النوى والمسالك
يبيت بموماة ويمسي بغيرها ... جحيشًا ويعروري ظهور المهالك
ويسبق وفد الريح من حيثما انتحى ... بمنخرق من شده المتدارك
إذا حاص عينيه كرى النوم لم يزل ... له كاليء من قلب شيحان فاتك
ويجعل عينيه ربيئة قلبه ... إلى سلة من حد أخلق باتك
يرى الوحشة الأنس الأنيس ويهتدي ... بحيث اهتدت أم النجوم الشوابك
وغير خاف عن القارئ الكريم ولع الصعاليك بذكر العدو، يرومون من أنفسهم أن يكونوا كالوعول وحمر الوحش، وظباء القفر انطلاقًا وحرية، ويستنكفون أن يستعينوا بالخيل فضلاً عن أن يفخروا بها. وكل هذا كما ترى جار مع جوهر طبيعة الصحراء وما يرومه البدو فيها من الفوضى التي لا تلتزم بشيء غير أدب النفس الذي يرفع من قدر الانطلاق ويربأ به أن يسف إلى الدنايا.
(١) الموماة الصحراء. الجحيش المنفرد. كاليء حافظ. الربيئة الذي يكشف عن مقدم العدو بأن يراقبه من رأس جبل.