للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حميد، ولكل مجتهد نصيب.

هذا ويعجبني من أشعار المولدين في الحمام خاصة بعض ما يقع لمداح الرسول عليه الصلاة والسلام من هذا المعنى في معرض النسيب كقول عبد الرحيم البرعي رحمه الله (١):

فيا حمامات وادي ألبان شجوك في ... ظل الأراك شجاني يا حمامات

ويا أثيلات نجد ما لعبت ضُحى ... إلا لعبت بقلبي يا أُثيلات

تهيج لوعة قلبي المُستهام إذا ... هبت بنشر الصبا النجدي هبات

فكيف حال بعيد الدار مُغترب ... له إلى الشام حنات وأنات

وقوله:

سمعت سُويجع الأثلات غنى ... على مطلولة العذبات رنا

أجابته مُغردة بنجد ... وثنت بالإجابة حين ثنى

وبرق الأبرقين أطار نومي ... وأحرمني طُروق الطيف وهنا

ذكرت أحبتي وديار أُنسي ... وراجعت الزمان بهم فضنا

وأثر حرير ظاهر ههنا على ما بين الرجلين من تفاوت. وفي نمط البرعي شجن خال كل الخلو من جنسية الغزل، ولا غرو فقد كان الرجل الصالح إنما يخن إلى روضة الرسول وشهود حضرته. وقريب من مذهبه هذا ما طلبه العذريون الأولون فخلجتهم أن يبلغوه حقًا خوالج ما كانوا يدافعونه أو يمارون فيه من رغبات الحس، إذ كانوا إنما يتغنون بالنساء، وما تحاموا الحمائم ما استطاعوا فيما نراه في ضوء الذي بلغنا من أشعارهم، إلا لحسبانهم قوة دلالة الحمامة على الأنثى، كما قدمنا لك. ومهما يكن من شيء فإنه لا يقدر من يتغنى بامرأة أو نحوها أن يبلغ حاق الروحانية وأن


(١) ديوان البرعي (طبعة القاهرة، محمد علي صبيح) ص ٨٦ - وص ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>