ومن حيث إن الرماد والأثافي من معالم الدار، والدار مما يرمز به لعهد المرأة، ومن حيث إن الرماد بقية النار، والنار من رموز المرأة- كل هذا عندي هو سر القرن بين الرماد والأثافي والحمام في بيان الشعر العربي وكناياته.
وفي القرآن:«إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة» وفسرت النعجة بالمرأة وقال عنترة:
يا شاة ما قنص لمن حلت له ... حرمت علي وليتها لم تحرم
وقد شبهت اليهود الجيد ببرج داود، وما ذاك إلا أنهم استحسنوا براعة طوله وملاسة جانبه، كما شبهوا فروع النساء بشعور المعزى. وغير هذا كثير. فإن كان نظراء العرب المقاربو الحضارة من الساميين كاليهود قد أغربوا كل هذا الأغراب، فهل بدع أن يربي العرب عليهم أو يماثلوهم أو يسلكوا سبيلاً تشبه سبيلهم من البيان، سبيلاً يكون فيها لتداعي المعاني بين أصناف ما يألفون من قليل المتاع أعظم نصيب- بحيث يدور اللفظ الواحد ذو المدلول الواحد في ألوان التشبيه والاستعارة ضروبًا كثيرة من الدوران حتى تعدد معانيه ومدلولاته آخر الأمر، أما على سبيل الاصطلاح اللغوي الواضح وأما على وجه الرمز والكناية الخفية، وأحسبك تذكر أيها القارئ الكريم ما كنا قدمناه من تشبيه النابغة للشفتين بقادمتي الحمامة حيث قال: