هنا وهنا ومن هنا لهن بها ... ذات الشمائل والأيمان هينوم
داوية ودُجى ليل كأنهما ... يم تراطن في أفدانه الروم
وقال أيضًا:
قد عجبت أخت بني لبيد ... وهزئت مني ومن مسعود
رأت غُلامى سفر بعيد ... يدرعان الليل ذا السدود
وفي الليل أيضًا الأنس والخلوة ولقاء الأحبة. قال أبو الطيب:
وكم لظلام الليل عندك من يد ... تُخبر أن المانوية تكذب
وقال ردى الأعدا تسري إليهم ... وزارك فيه ذو الدلال المُحجب
وقال أيضًا وقد مر الاستشهاد بثلاثة أبيات منه:
قف على الدمنتين بالدو من ر ... يا كخال في وجنة جنب خال
بطلول كأنهن نجوم ... في عراص كأنهن ليالي
ونؤي كأنهن عليهن ... خدام خرس بسوق خدال
لا تُلمني فإنني أعشق العـ ... شاق فيها يا أعذل العذال
ولا يخفى ما في كلام أبي الطيب من الإشارة إلى ليالي الأنس ونجوم الحسان ذوات الخلاخيل الخرس والسوق الخدال. وظاهر التشبيه فيه ما ذكرنا آنفًا وفيه أيضًا الإلماع إلى أن الربوع والعراص مُبهمات إبهام الليالي حتى يهتدي إلى معرفتهن الواقف بآثار الرسوم والطلول اللاتي هن منهن بمنزلة المعالم، كما يهتدي ساري الليل بالنجوم.
والذي جاء في مدح الليل كثير- وأكثره يقع في باب المبدأ والنسيب، ودلالته على الحنين لا تخفى. وقد يقع بعد الخروج في باب الأغراض بمعرض الفخر وما إليه،