وقد كان أبو نواس فاجر اللسان والله أعلم بحقيقة أمره. وقد أتهمه ابن رشيق في احتراس وتردد. وبرأه ابن المعتز مما ينسب إليه في مذهب الغزل المنحرف وليس هذا بموضع الاستقصاء.
وقال الحسين بن الضحاك الخليع في غلام:
تتيه علينا إن رُزقت ملاحة ... فمهلاً علينا بعض تيهك يا بدر
وقال المعري:
وذكرني بدر السماوة بادنًا ... شفًا لاح من بدر السماءة بالي
فعاد التشبيه غلى قريب من عنصره القديم للذي خلطه به من ذكر الهلال والشفا البالي. وقد كانت العرب مما تذكر الهلال في النحول وتشبه به الإبل المضناة، تنظر في ذلك إلى ما يعروها من هزال وتقوس، ولا يخلو هذا من صنيعهم من معنى الإعجاب بصبرها ودأبها والرحمة لها. قال الفرزدق:
إذا ما أُنيخت قاتلت عن ظهورها ... حراجيج أمثال الأهلة شُسف
وموضع هذا ونحوه في باب الخروج إن شاء الله.
هذا والنجوم منهن المذكرات والمؤنثات. وقد يحملن كثيرًا عن التذكير كما في قول طرفة يصف نداماه:
نداماي بيض كالنجوم وقينة ... تروح علينا بين بُرد ومُجسد
وقال الآخر:
مرزئون ثقال في مجالسهم ... مثل النجوم التي يسري بها الساري
وقال أبو تمام:
والجعفريون استقلت ظُعنهم ... عن قومهم وهم نجوم كلاب