كأن الثريا عُلقت فوق نحرها ... وجمر غضى هبت له الريح ذاكيًا
والنظر إلى ابن الخطيم وإلى امرئ القيس ههنا لا يخفى.
والثريا كثيرًا مما تذكر في باب الورود بعد الرحلة، ويقولون النجم والنظم يعنونها، وإنما المراد بذكرها الإشعار بقرب طلوع الفجر لأنها تسقط مع الفجر قال تعالى {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى (١)} فأقسم بالفجر في تفسير من فسر النجم بالثريا وهو الراجح. قال أبو ذؤيب الهذلي:
فوردن والعيوق مقعد رابـ ... ـيء الضرباء خلف النظم لا يتتلع
وباب الورد والخروج والنسيب والأغراض كل أولئك مما يتداخلن عند جماعة من الشعراء. ومن أفعل الناس لذلك امرؤ القيس في الجاهليين وذو الرمة في الإسلاميين. وله في الفجر:
فغلست وعمود الصبح مُنصدع ... عنها وسائره بالليل مُحتجب
وقال سحيم يذكر النساء:
وما رمن حتى أرسل الحي داعيًا ... وحتى بدأ الصبح الذي كان تاليًا
وحتى استبان الفجر أشقر ساطعًا ... كأن على أعلاه سبًا يمانيًا
وشبه ذو الرمة الفجر بالمرأة فقال:
كأن عمود الصبح جيد ولبة ... وراء الدجى من حُرة اللون حاسر
فههنا تشبيه خفي للمرأة بالشمس أو بالثريا. وهذا جيد في بابه.
وما أكثر ما يذكر الفجر مع الخمر وقد نعرض لشيء من هذا عند ذكر الخمر.