للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أكثر المرحوم التيجاني يوسف بشير من استعمال المجتث. وبعض الناس يعجبهم قوله (ديوانه ٤٨):

آمنت بالحسن بردًا ... وبالصبابة نارا

وبالكنيسة عقدا ... منضدًا من عذارى

وبالمسيح ومن طا ... ف حوله واستجارا

إيمان من يعبد الحسـ ... ـن في عيون النصارى

وهذا كلام حسن ظاهره، ولكنه فيه هنات، منها قوله "منضدًا" والوجه "منظمًا" إذ التنضيد يكون للمتاع لا العقود (١). وقوله "طاف حوله" وإنما عنى "اتبعه" فاستعمل لغة الجرائد وهي لا تصلح للشعر، وإن كان عنى بقوله "طاف حوله" "قدسه" فقد أخطأ الاستعارة, وكأنه نظر إلى طواف المسلمين حول الكعبة ونسب مثله للنصارى (٢). وف يالكلام بعد -على ظرفه البادي- روح غير مهذب, لا سيما البيت الأخير، فإنك لو ترجمته إلى العامية لصار شيئًا من هذا القبيل:

"أموت في دين عيسى ... وفي دين عيون النصرانيات" (٣)

وهذا أليق لأن يقال في المقاهي والبارات لا الشعر.

ومن مجتثيات التيجاني التي تعجب الناس رائيته في توتي (ديوانه ٣٥ - ٣٨) وفيها أبيات حسنة كقوله:

يا درة حفها الما ... ء واحتواها البر (٤)


(١) بعد التأمل الذي ذهب إليه التجاني جيد، إذ فيه اطلاع إلى حال مقاعد صلاة الكنيسة ومناضدها.
(٢) أيضًا هنا للتيجاني وجه جيد في ما ذهب إليه.
(٣) وجه آخر انه ينكر دين النصارى ويعجبه حسن جواريهم.
(٤) لعل الرواية الصحيحة: "واحتواها البر" وكأن الشاعر أراد أن يقول: إن هذه البقعة لفظها البر وألقى بها في أحضان النيل! وفي القاموس: واحتواه: كرهه، فهي هنا تعبير بالملائم. هنا وقوله قنواء بعد التأمل لا يخلو من دقة لأن الشجرة ذات علو واحد يداب فتأملة.

<<  <  ج: ص:  >  >>