للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لبعضها بتفصيل إذ ليس إحصاؤها كلها مما يمكن. وليكن ما نذكره منها بمنزلة التمثيل والتقريب.

ونرى، أنهم إنما لجأوا إلى هذه النماذج أول الأمر أربا في أن يتشابهوا في القول.

فمتى تشابهوا في القول، أمنوا أن يظنوا بريبة فيه. وكيف يظن بريبة من يقول ما يقوله سائر الناس "قال حميد بن ثور":

وهل أَنا إن علَّلْتُ نَفْسي بسَرْحَةٍ ... من السَّرح مسْدُودٌ عليَّ طَرِيق

وقال الآخر فبالغ في الفكاهة والسخرية:

عليَّ هدايا الْبُدْنِ إِن كان بَعْلُها ... يَرى ليَ ذَنْبًا غَيْرَ أَنِّي أَزُورها

وأَنِّي إِذا ما زرتها قلت يا اسلمي ... وهل كان قولي يا اسلمي ما يضيرها

وقال جرير:

أَمِنْ خَوْفٍ تُراقبُ من يَلينا ... كَأَنَّك ضامنٌ بدم طَريدُ

لعزَّ عليَّ ما جَهلُوا وآلوا ... أَفي تَسليمَةٍ وَجب الْوَعيدُ

ولم يكُ لَو رَجعْتِ لنا سَلامًا ... مقَالٌ في السَّلامِ ولا حُدود

وقال امرؤ القيس، وهو المقتدي به في هذا الباب:

وماذا علَيهِ أَن ذَكَرتُ أَوانِسًا ... كغزْلانِ رَمْلٍ في محَارِيبِ أَقوالِ

هذا ثم إنهم لما اتلأب بهم التشابه طلبًا للتقية، جعلوه طريقة من طرائق الفن والتمسوا له التجويد والأحكام. ثم إن طلب التجويد والأحكام نفسه دفعهم دفعا إلى التمسك بهذه الطريقة والحرص عليها. وينسب لزهير أنه قال:

ما نَرانا نَقول إلا مُعارًا ... أو مُعادًا من قَولِنا مَكْرورا

<<  <  ج: ص:  >  >>