للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثال الثاني قول النابغة:

بانَت سُعادُ وَأَمْسى حَبْلُها انْجَذَ ما ... واحتَلَّت الشَّرعَ فالأَجزاع من إِضما

إِحدى بَلِيٍّ وما هام الفؤاد بها ... إِلا السَّفاه وإِلا ضلَّةً حُلُما

لَيستْ مِنَ السُّودِ أَعقابًا إِذا انصَرَفَتْ ... وَلا تَبيعُ بِجَنْبَيْ نَخْلَة البُرما

غَرَّاءُ أَكْمَلُ من يَمشي على قَدمٍ ... حُسْنًا َأَمْلَحُ من حاورْتهُ الكَلِما

قَالتْ أَراكَ أَخا رَحْلٍ وَراحِلَةٍ ... تَغْشَى مَتالِف لن يُنْظِرنك الْهرما

حيَّاكِ ربِّي فَإِنَّا لا يحِلُّ لنا ... لَهْوُ النِّساءِ وإِنَّ الدِّين قد عزما

مُشمرين على خوصٍ مُزممةٍ ... نَرجُو الإِلَهَ وَنَرجُو البِرَّ وَالطُعما

هَلّا سَأَلتِ بَني ذُبيانَ ما حَسَبي ... إِذا الدُّخانُ تَغَشَّى الأَشْمَط البَرَما

وَهَبَّتِ الرِّيحُ مِنْ تِلقاءِ ذي أُرُلٍ ... تُزْجِي مع الَّليلِ من صُرَّادها صِرما

صُهبَ الظِّلالِ أَتَيْنَ التِّينَ عَن عُرُضٍ ... يُزْجِينَ غَيمًا قَلِيلًا ماؤُه شَبمَا

يُنْبِئْكِ ذو عِرْضِهِم عَنِّي وَعالَمُهُم ... وَلَيسَ جاهِلُ شَيْءٍ مِثْل من علما

أَنِّي أُتَمِّمُ أَيساري وَأَمنِحهُم ... مثْنى الأيادي وأكْسُو الجَفْنَةَ الأُدُما

وأقْطَعُ الخرقَ بِالخَرْقاءِ قَد جَعَلَتْ ... بعْدَ الْكَلالِ تشكّى الأَينَ وَالسَأما

كادَت تُساقِطُني رَحْلي ومِيثرتي ... بذي المجازِ ولم تَسْمع به نَعَما

مِن قَولِ حِرمِيَّةٍ قالَت وَقَد ظَعَنُوا ... هَل في مُخِفِّيكم مَن يشتري أَدما

قُلْت لَها وَهيَ تَسعى تَحتَ لَبَّتِها ... لا تَحطِمَنَّكِ إِنَّ البَيْعَ قَد زَرِما

أي انتهى وانقطع

فكلام زهير مخالطة تجربته للنموذج حتى لا تكاد تبين. ولولا ما يصدمك من لفح الحرارة والشوق الزائد على مجرد الحنين العرفي وأرب الكناية لأوشك أن يغيب عنك مكانها من كلامه كل مغيب.

وزهير ههنا يذكر انفراقًا من الخليط. وعلوقا من قلبه بإحداهن فيه، وحالا

<<  <  ج: ص:  >  >>