للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلع ونهايتها المقطع، وما بين ذلك من أقسام يتصرف فيه نفس القريض ووثباته. فيداخل ويحاجز، ويقدم ويؤخر، ويحذف ويثبت وقد يكرر ويعيد وقد يستغني بنسيب عن خروج وبخروج عن نسيب وبغرض عن خروج، وقد يدمج أشياء من ذلك بعضها في بعض أيما إدماج، وهلم جرا. وسترى من هذا المعنى أمثلة إن شاء الله، وقد سبق لنا أن أشرنا إليه ومثلنا بعض التمثيل.

هذا، ومما هو نموذجي مخض، رونقه من الفصاحة، وحرارته من مستسر الكناية والحنين التقليدي: قول ربيعة بن مقروم الضبي:

أَمِنْ آلِ هنْدٍ عرفْتَ الرُّسوما ... بجُمْرانَ قَفْرًا أَبتْ أَن تريما

تَخَالُ معَارفَها بعدما ... أَتَتْ سنَتَان عليْها الْوُشُوما

وَقَفْتُ أُسائلُهَا نَاقَتي ... وما أَنا أَم ما سُؤالِي الرُّسوما

وذَكَّرني الْعهْد أَيَّامها ... فَهَاجَ التَّذكر قَلْبًا سَقِيما

ففاضتْ دموعي فَنَهنْهتها ... على لحيتي وردائي سُجُوما

وهذا مما يرفعه التجويد والأحكام عن أن يكون مغسولا.

هذا، ومن النسيب ما يختصر اختصارًا وكأنه استعجال إلى الخروج أو إلى الغرض والنموذج في مثل هذا قلنا يحمل إيحاء بتجربة غزلية ذاتية - وإنما يحمل الكناية القريبة المأتي عما سيلي. وربما داخله تفسيرها.

قال تأبط شرا:

يا عِيدُ ما لَكَ مِنْ شَوْقٍ وإيراق ... ومِرّ طَيْفٍ على الأهْوالِ طَرَّاق

يَسْرِي على الأيْنِ والْحَيّاتِ مُخْتَفِيا ... لله دَرُّكَ من سارٍ على ساق

وإنما الساري على الأين والحيات تأبط شرا نفسه، والساق ساقه التي يعدو بها لا ساق خدلة من فتاةٍ رداح أو من طيفها الزائر. ومن أجل هذا جاز لتأبط شرا أن

<<  <  ج: ص:  >  >>