للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مقدمة كتابنا في شرح أربع قصائد منه (١)، فمن أجل هذا ما نستشهد به ههنا، قال:

ديار مية إذ ميٌّ مساعفةٌ ... ولا يرى مثلها عجمٌ ولا عرب

براقة الجيد واللبات واضحةٌ ... كأنها ظبيةٌ أفضى بها لبب

بين النهار وبين الليل من عقدٍ ... على جوانبه الأسباط والهدب

عجزاء ممكورة خمصانةٌ قلقٌ ... منها الوشاح وتم الجسم والقصب

زين الثياب وإن أثوابها استلبت ... على الحشية يومًا زانها السلب

تريك سنة وجهٍ غير مقرفةٍ ... ملساء ليس بها خالٌ ولا ندب

إذا أخو لذة الدنيا ثبطنها ... والبيت فوقها بالليل محتجب

سافت بطيبة العرنين مارنها ... بالمسك والعنبر الهندي مختضب

تزداد للعين إبهاجًا إذا سفرت ... وتخرج العين فيها حين تنتقب

لمياء في شفتيها حوةٌ لعسٌ ... وفي اللثات وفي أنيابها شنب

كحلاء في برجٍ صفراء في دعجٍ ... كأنها فضةٌ قد مسها ذهب

والقرط في حرة الذفري معلقةً ... تباعد الحبل منه فهو يضطرب

تلك الفتاة التي علقتها عرضًا ... إن الكريم وذا الإسلام يختلب

والصورة كاسية. وقد جردها ذو الرمة في بعض وصفه. وقد بين لك في آخر كلامه أنه نظر عرضًا، كما ينظر الكريم ذو العرض من أمثال حاتم في الجاهلية، وكما ينظر الفتى المأمور بغض البصر من أمثاله هو في الإسلام، فكان في نظره هذا عرضًا هلاكه، إذ أنه اختلب اختلبه جمال هذه الفاتنة إذ رآها سافرة، ثم انتقبت، وكأنه حين انتقبت قد حرج من أن قد نظر، وقد حار في هذا الذي كان نظر إليه فبهره (٢). ثم


(١) راجع المقدمة التي قدمنا بها ذلك الكتاب.
(٢) شرح أربع قصائد لذي الرمة للمؤلف، الخرطوم ١٩٥٨ - ص ١٧. قال «زعم صاحب اللسان أن معنى «حرجت» هنا حارت وهذا ليس بشيء ولا يستقيم به المعنى» أقول الآن: يستقيم. والله أعلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>