والنقصان كما ترى يحدث بإزالة الإشباع الذي في الآخر. خذ مثلا قول أبي العتاهية:
خانك الطرف الطموح ... أيها القلب الجموح
إذا سكنت الحاء صار هذا رملا قصيرًا ناقصًا هكذا:
خانك الطرف الطموح ... أيها القلب الجموح
ونغمة الرمل خفيفة جدًا. وتفيعلاته مرنة للغاية، إذ كثيرًا ما تصير "فاعلاتن""فعلاتن" ولا يكاد يلحظ ذلك. وفي رنته نشوة وطرب والأوائل من الجاهليين يكثرون من هذا الوزن في أشعارهم. ويبدو لي أنه كان بمنزلة الأناشيد الشعبية، ومما يدل على ذلك أنه لا يزال يستعمل في شيء من هذا النحو في عاميتنا السودانية، مثال ذلك أنشودة الأطفال:
ال حدوك لي ... جاتنا بابور (١)
ال حدوك لي ... فيها طابور
ويدل على ذلك ما رووه من أن فتيات المدينة استقبلن النبي صلى الله عليه وسلم أول مهاجره وهن يضربن بالدفوف ويغنين:
أشرق البدر علينا ... من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع
أيها المبعوث فينا ... جئت بالأمر المطاع
وليس في السيرة شعر من الرمل القصير غير هذا.
(١) أي أيهذا الذي حدوك لي -فأل موصولة كقول الآخر: ال ترضى حكومته البيت.