أرسطوطاليسي كان ينبغي له فيه أن ينسب الإحسان فيه إلى القدماء قبل نسبة ذلك إلى الحذاق من المحدثين لأن صلة ما بين مطالع قصائدهم وسائر مادتها أوضح، كما قد سبق التمثيل به.
وما يبدو من هجوم أبي تمام على الموضوع كقوله:
السيف أصدق أنباء من الكتب ... في حده الحد بين الجد واللعب
وقوله:
الحق أبلج والسيوف عوارى ... فحذار من أسد العرين حذار
وقوله:
آلت أمور الشرك شر مئال ... وأقر بعد تخمط وصيال
لو تأملته إن هو إلا فواتح مقدمات جعلت مكان النسيب لتلائم ما هو مقبل عليه من القول. وقد سلك أبو الطيب مسلكًا قريبًا من مذهب أبي تمام في التقديم بما يجعله مكان النسيب ويبدو كأنه هجوم على الموضوع مثل قوله:
على قدر أهل العزم تأتي العزائم ... وتأتي على قدر الكرام المكارم
وقوله:
عقبى اليمين على عقبى الوغى ندم ... ماذا يزيدك في إقدامك القسم
وقوله:
أعلى الممالك ما يبنى على الأسل والطعن عند محبيهن كالقبل
وهذا البيت كأن فيه تقوية للمعنى الذي ذهبنا إليه لما فيه من الإشارة إلى الغزل.