للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحالة التي هو يقاومها، وكيف أن هذا التوازن بين أمرين متناكرين يصير منتظمًا في الوزن (بمعناه المصطلح المعروف) بسبب ما يطرأ عليه من تدبير الإرادة والرأي عن عمد وبحدسٍ سابق يرمي إلى إحداث اللذة والسرور. وإن تك هذه المبادئ هي مقدمات للحجة التي ندلي بها، فإننا يصح لنا أن نستخرج من ذلك بالاستنتاج أمرين، يحق لكل ناقد أن يتوقعهما في كل عمل ينتظمه الوزن. أولًا أن عناصر الوزن تستمد وجودها من حالة ازدياد في تهيج الشعور، ولذلك فينبغي للوزن نفسه أن ترافقه اللغة الطبيعية التي تعبر عن التهيج. ثانيًّا، أن هذه العناصر إنما تصير وزنًا بعمل الصنعة واختيار الإرادة وذلك من أجل أن تمتزج العاطفة باللذة، ولهذا فينبغي أن يكون للجانب الإرادي آثار محسوسة نتبينها بنسبة حضوره في جميع لغة الكلام الموزون. هاتان الحالتان (يعني كلردج حالة التهيج التي تعبر عنها لغة التهيج وحالة الصنعة والإرادة التي ترمي إلى مزج عاطفة التهيج بعامل الإبهاج واللذة) يلزم التوفيق بينهما وان يكون حضورهما معًا في آن واحد. يلزم ألا يكون أمرهما شركةٍ ولكن أمر اتحاد، أن يكون تداخلًا متغلغلًا متلاحمًا بين حدة انفعال الوجدان وبين الإرادة، بين الدافع العاطفي العفوي والقصد المتعمد المختار. ثم إن هذا الاتحاد إنما يتجلى في تواتر أشكال في التعبير والمجاز (هن في الأصل سلالة تولدت من حدة انفعال الوجدان، وقد صارت الان أطفالًا تبنتهم القدرة على البيان) تواترًا أشد من أن يحتمل أو يشتهى إلا حيث تكون العاطفة تحفزها الإرادة وتحتفظ بها من إيجاد تلك اللذة وذلك الإمتاع اللذين إنما توجد العاطفة تقوى على التعبير بهما والإبلاغ حين تهيمن عليهما الإرادة وتحد من سورتها. إنه (بتجليه هذا) لا يملي بحسب، ولكن يوجد من تلقاء طبيعة ذاته، يجنح إلى إنتاج تواتر لاستخدام لغة التصوير والتعبير ذي الحيوية أكثر مما قد يعد مثله طبيعيًّا في الحالات الأخرى التي لا تقتضي كما تقتضي هذه الحالة وجود نوع من عهد سابق معلوم حقًّا، وإن يك ذلك غير مصرح به، بين الشاعر ومن يقرأ له، هذا يرى من حقه أن ينتظر ويجد

<<  <  ج: ص:  >  >>