هذا النوع وهذا المقدار من الإثارة الممتعة والشاعر يلتزم بأن عليه أن يمده بذلك» أ. هـ.
نبهنا على أن كلردج مما يتعمق في العبارة ويشربها روحًا فلسفيًّا وهو هنا يحاول التوفيق بين مذهب الرومنسيين في نسبة الشعر إلى انفعال الوجدان والعواطف وطبيعة التأليف الفني التي تطلب تخير اللفاظ والمعاني والصيغ وذلك مجال الملكة الصانعة والقدرة والتفكير.
وعبارات أبي تمام أنصع وأوضح، على ما فيه من عمق كما تقدم من قوله المشهور:
ولكنه صوب العقول إذا انجلت ... سحائب منه أعقبت بسحائب
وقد ترى في كلام كلردج أنه قد أخضع جانب العاطفة لجانب الفكر والإرادة التي تنتخب وتختار.
ومما يشهد بصحة هذا الذي نذهب إليه من تشبيه مذهب كلردج الناقد بمذهب أبي تمام قول أبي تمام:
إحذاكها صنع الضمير يمده ... جفرٌ إذا نضب الكلام معين
ويروى اللسان، والضمير أجود مع تقارب المعنى إذ أبو تمام نفسه هو القائل:«لسان المرء من خدم الفؤاد».
ولا بأس من التنبيه ههنا على أن أبا تمام كما هو شاعر هو أيضًا ناقد شهد له معاصروه ومن بعدهم بجودة الذوق والقدرة على الموضوعية الشاملة النظرة في ذلك، ثم قد ضمن شعره مسائل وآراء في النقد تجعله من المقدمين حقًّا في هذا الباب وهذا أمرٌ ينبغي ألا يغفل عنه.
قوله:«صنع الضمير يمده جفر إذا نضب الكلام معين» هو عينه مقال