للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تداركه إن المكرمات أصابعٌ ... وإن حلي الأشعار فيها خواتم

إذا أنت لم تحفظه لم يك بدعةً ... ولا عجبًا إن ضيعته الأعاجم

فقد هز عطفيه القريض توقعًا ... لعدلك مذ صارت إليك المظالم

ولولا خلال سنها الشعر ما درى ... بغاة الندى من أين تؤتى المكارم

والشاهد أن الشعر فيه الحكم وبيان العرف والفضائل، وهذا ما زعم له أبو عمرو بن العلاء فيما ذكر أبو حاتم الرازي في أوائل كتابة الزينة (أبو حاتم هذا من رجالات القرنين الثالث والرابع توفي في ربعه الأول) إن الشاعر في العرب كان كالنبي في بني إسرائيل. وتأمل قوله:

إذا أنت لم تحفظه لم يك بدعةً ... ولا عجبًا إن ضيعته الأعاجم

كأنه يشير بهذا إلى أن الشعر الحق أمرًا اختصت به العرب، فإن أضاعته سادتهم وأولوا الألباب منهم لم يكن العجم له بحافظين. وقد نبه أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني من كبار متكلمي القرن الرابع من أهل السنة في أوائل فصوله من كتابه إعجاز القرآن على أن الفلاسفة كانوا يطلقون على حكمائهم وأهل الفطنة منهم في وصفهم إياهم بالشعر، لدقة نظرهم في وجوه الكلام، وطرق لهم في المنطق، وإن كان ذلك خارجً عما هو عند العرب شعر على الحقيقة. أ. هـ.

هذا موضع استشهادنا. وكأن ابن الباقلاني قد نظر إلى قول الجاحظ من قبل، الحيوان ١: ٧٥ «وفضيلة الشعر مقصورة على العرب وعلى من تكلم بلسان العرب» وقال المعري، وذهب عله المذهب على لسان ابن قارحة في رسالة الغفران يحكيه عن أحد خازني الجنة من أصحاب رضوان عليه السلام إذ قال عن الشعر أن إبليس اللعين نفثه في إقليم العرب فتعلمته نساء ورجال (طبعة ابنة الشاطئ ص ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>