وأحب المجامل بالجزيل وصرمه ... باق إذا ظلعت وزاغ قوامها
ومثل هذا كثير.
ومن تأمل كلام الدكتور ناجي وجد كثيرًا من تشبيهاته ومقابلاته لا تستقيم.
مثلا قوله:"حبه المحراب إلخ"، ما هو وجه الشبه بين الحب والمحراب؟ وما هي الصلة بين الكعبة والمحراب؟ وإذ قد جعل بيت الحبيب هو الكعبة فقد كان ينبغي أن يجعل حبه دينا يدفعه إلى زيارة تلك الكعبة لا محرابًا. وتأمل قوله:"من مشى يومًا على الورد له" أحسبه عنى "من مشى يومًا على الورد إلى حبيبه" فاضطره الوزن إلى استبدال لفظ "حبيبه" بضمير يعود إلى الحبيب الهاجر الذي من أجله نظمت هذه القصيدة. ويستفاد من هذا أن الشاعر كان قد صحب هذا الحبيب على ضماد أو شركة، وأن غيره من المحبين لم يلاقوا من المشاق ما لاقاه. وهذا لم يرده الشاعر وإن كان لفظه يفيده. وقوله "وطريقي كان شوكًا ومشيته" كان الوجه فيه أن ينتهي عند قوله "شوكًا"، إذ لا حاجة إلى قوله "ومشيته"، وهذا نهج إفرنجي في التعبير، والإفرنج يؤثرون الإطناب على الإيجاز. وقوله:"سلاني فتنكرت له" مراده فيه: "قد سلاني فتصبرت على ذلك، وعزمت -إن هو حاول أن يعود إلى ما كان عليه من وصل- أن أعزف عن وصله". وهذا معنى لا يؤديه لفظه إلا بالحدس والتخمين. وكيف يتنكر المرء لمن قد سلاه وهجره، فالمتنكر هو السالي الهاجر لا المهمل المهجور.
ومهما يكن من شيء فمراد الشاعر مفهوم بالرغم من اضطراب ألفاظه وهذا يغفر له. وفي شرف معناه وحلاوة وزنه ما يقرب به إلى الحسن والإجادة.