ودللنا على ما في كل حرف منه. اعلم أن هذه القصيدة قد ترددت بين أبيات سوقية مبتذلة وأبيات متوسطة وأبيات ضعيفة مرذولة وأبيات وحشية غامضة مستكرهة وأبيات معدودة بديعة».
ثم أخذ بعد كلمات في ذكر هذه الأبيات المعدودة البديعة فقال:(ص ٢٧٤)«فأما الذي زعموا انه من بديع هذا الشعر فهو قوله:
ويضحى فتيت المسك فوق فراشها ... نؤوم الضحى لم تنتطق عن تفضل
والمصراع الأخير عندهم بديع ومعنى ذلك أنها مترفة متنعمة لها من يكفيها ومعنى قوله لم «تنتطق عن تفضل» يقول لم تنتطق وهي فضل وعن هي بمعنى بعد قال أبو عبيدة لم تنتطق فتعمل ولكنها تتفضل. ومما يعدونه من محاسنها:
وليل كموج البحر أرخى سدوله ... علي بأنواع الهموم ليبتلي
فقلت له لما تمطى بصلبه ... وأردف أعجازًا وناء بكلكل
ألا أيها الليل الطويل ألا انجل ... بصبحٍ وما الإصباح منك بأمثل
وكان بعضهم يعارض هذا بقول النابغة:
كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليلٍ أقاسيه بطيء الكواكب
وصدرٍ أراح الليل عازب همه ... تضاعف فيه الهم من كل جانب
تقاعس حتى قلت ليس بمنقض ... وليس الذي تبلو النجوم بآيب
وقد جرى ذلك بين يدي بعض الخلفاء، فقدمت أبيات امرئ القيس واستحسنت استعارتها وقد جعل لليل صدرًا يثقل تنحيه ويبطئ تقضيه وجعل له أردافًا كثيرة وجعل له صلبًا يمتد ويتطاول ورأوا هذا بخلاف ما يستعيره أبو تمام من الاستعارات الوحشية البعيدة المستنكرة ورأوا أن الألفاظ جميلة. واعلم أن هذا