مع ذلك عند كلردج بين النثر والتأليف الموزون (النظم) فرق. إذ بين صنفي النثر في الكلام والكتابة فرق وفي القراءة والمحادثة فرق. وعلى هذا ينبغي أن نتوقع وجود فرق أكبر بين تأليف الشعر المنظوم والنثر. وذلك الفرق الكبير مرده إلى أن أرب الشعر غير أرب النثر فاختلفت طريقة تأليف الكلام بسبب اختلاف الأرب (راجع نص كلردج ص ٤٥ و ٤٦ وراجع أيضًا من المجلد نفسه في الفصل الرابع عشر وهو أول المجلد).
من الكلام عند كلردج (راجع ٢ ص ٨ - ١٠) ما يصنع تأليفه بتكلف لا يراد منه إلا تسهيل حفظ حقائق معلومات بأعيانها أو ملاحظات أو ما أشبه، فتكون المنظومة منه لا يميز بينها وبين النثر إلا الوزن والقافية أو هما معًا. وهذا أدنى ما يطلق عليه اسم المنظومة Poem نحو قولهم:
Thirty days hath September
April, June and November
أي:«ثلاثون يومًا في سبتمبر، أبريل، يونية ونوفمبر».
وزعم كلردج أن نحو هذا من التأليف فيه نوع مسرة وإمتاع ينشأ من توقع تكرار أصوات وكم لفظي، وأنه كل ما ضم إليه هذا الضرب من الإبهاج يمكن أن يسمى منظومة وحسبنا هذا القدر من حيث شكل النظم السطحي.
ومن الكلام ما يكون الأرب فيه إبلاغ الحقائق إما ضرب من الحقيقة المطلقة التي يمكن أن يقام عليه الدليل والبرهان كما في تأليف العلوم وأما الحقائق المستفادة من التجارب والأخبار المدونة كما في التأريخ. وقد يتأتى من بلوغ الأرب المراد إبلاغه من المتعة أرقاها وأبقاها من غير أن يكون ذلك في ذاته قد قصد إليه قصدًا مباشرًا. وقد يكون في غير ذلك من التأليف إيصال الإمتاع هو المقصود والمراد المباشر الأول المطلوب. ومع أن الحقيقة الفكرية أو الخلقية هي التي ينبغي أن تكون الضالة