المنشودة والأرب المقصود إليه، هذا أمر يتعلق بشخصية المؤلف لا بالنوع الذي يصنف فيه التأليف.
وعرف كلردج المنظومة Poem بأنها ذلك الصنف من تأليف الكلام الذي يختلف عن المؤلفات العلمية بأن يعمد إلى أن يكون الإمتاع هو إربه المباشر الأول لا عرض الحقائق. وشبه كلردج ونبه على أن من التأليف ما يجاء به منظومًا موزونًا ومع ذلك لا يكون الأرب الأول المقصود منه هو الإمتاع. وضرب لذلك مثلًا القصص وحكايات الأبطال والغرام novels and romances (راجع ص ١٠) ثم تساءل هل إذا نظمت أمثال هذه القصص والحكايات بأوزان مقفاة أو غير مقفاة هل يجعلها ذلك منظومات وقصائد «Poems»؟
قوله مقفاة وغير مقفاة لأنه في الإنجليزية ضربٌ موزون غير مقفى يقال له المرسل Blank Verse ومنه فردوس ملتون المفقود وأكثر مسرحيات شكسبير وكثير مما نظمه وردزورث وشيلي وغيرهما وهذا الضرب في العربية نادر، أورد منه ابن الباقلاني مثالًا زعمه خارجًا من سبيل الموزون الذي هو أحد أقسام كلام العرب لعدم تساوي أجزائه في الطول والقصر والسواكن والحركات، وهذا شرط لم يشترط فيما نعلمه غيره، وإنما يخرج هذا المثال الذي تمثل به أنه لا قوافي له، وهو قول الآخر ولم ينسبه (راجع ص ٨٤ من الإعجاز):
رب أخ كنت به مغتبطا ... أشد كفي بعرا صحبته
تمسكا مني بالود ولا ... أحسبه يزهد في ذي أمل
تمسكا مني بالود ولا ... أحسبه بغير العهد ولا
يحول عنه أبدًا ... فخاب فيه أملي
والمخالفة في آخر بيت (إن صحن تسميته بذلك ولعل أن نقول في آخر سطر أصح) وهو موزون يصلح أن يعد بيت شعر من ضرب مجزوء. ولعل هذه