الأشطار صنعها ابن الباقلاني ليجادل بها -وهي ضرب أسبق من محاولات عبد الرحمن شكري كما ترى، ولا جديد تحت الشمس.
في الجواب عن السؤال الذي سأله كلردج حيث قال هل يجعلها ذلك منظومات وقصائد؟ زعم أن الشيء لا يمكن ان يكون ذا إمتاع ذي صفة باقية دائمة إن لم يكن يحوي في ذات نفسه السبب الذي يبرر كينونته على هذا الشكل وهذه الهيئة التي بها هو كائن لا بغيرها.
جلي من هذا أن إضافة الوزن مقفى أو غير مقفى لا يجعلها منظومة حقة بحيث هذه كينونتها التي تحوي في ذاتها أنها على هذه الهيئة ولا يمكن أن توجد على غيرها؛ لأنها قد يجوز أن تكون، بل كانت قبل أن تنظم، منثورة، فكونها منظومة الآن إنما هو إضافة طرأت عليها لا أصل أصيل.
وللجاحظ قول شبيه بهذا في كتاب الحيوان حيث يقول في معرض الحديث عن الشعر أن فضيلته مقصورة على العرب وأن ترجمته لا تستطاع وإنه إذا ترجم نصل عنه الوزن وتقطع حسنه، قال:«والكلام المنثور المبتدأ على هذا أحسن وأوقع من المنثور الذي تحول من موزون الشعر» -ومزعمنا أنه شبيه بمقال كلردج إذ كان كلردج يقول إن الموزون المبتدأ على ذلك أحسن وأوقع من الموزون الذي تحول بإضافة الوزن إليه عن كلام كان منثورًا أولًا- فتأمل.
وعند كلردج بعد أن المنظومة تخالف ما يشبهها من التآليف ذات القصد مثلها إلى الإمتاع كالحكاية الغرامية والقصة البطولية مثلًا بأنها تأليف يطلب لنفسه أن يمتع بكله إمتاعًا مؤتلفًا متصلًا متفقًا مع الذي ينبعث من كل جزء من الأجزاء المكونة له من ضروب المسرة. الأبيات التي كل منها على حدته يسترعي الانتباه ويثير الخاطر ولكن لا يأتلف مع ما بعده وقبله ويؤلف منه كلا واحدًا ليست بمنظومة