السهل الممتنع الذي مثله قل أن يستطاع، وهذا المراد قد وضحه ابن قتيبة كل توضيح بذكره أن الصورة الموصوفة نفسها ليس في معنى وصفها ذاته من كبير طائل، لكن الإمتاع والحلاوة ذلك هو سر جمالها الكنين.
هذا ونعود إلى ما ذكره كلردج بمعرض تعريفه للمنظومة أنها ما يكون الأرب الأول المقصود إليه فيه هو الإمتاع وأن ذلك ليبس أبدًا هو الأرب الأول المقصود إليه قصدًا مباشرًا في كل شعر حيث ذكر أن في كثير مما كتبه أفلاطن شعرًا وفي أكثر سفر اشعياء.
روعة أسلوب أفلاطن (وإنما نرى منها غيمًا لاطلاعنا على ترجمات منها بالعربية والإنجليزية) غير مدخلته في الشعر حقًّا ولا في الشعراء، وقد كان يعلم ما الشعر عند قومه. وقد ذكر أرسطو طاليس أن نظم امبدوكليس الفلسفي قد يطلق عليه اسم الشعر لأنه منظوم. وقد ذم أفلاطن الشعر وحذر من تأثيره إذ يضل القلوب ويزيغ بها عن سبل الرشد والعدل ونسبة أفلاطن إلى الشعر عند من نسبه إليه كأن ذلك ضرب من المجاز يعبر به عن الإعجاب ببلاغته أو ضرب من الكيد الذي تكاد به فلسفته، وقد كان لها أعداء من أقربهم عهدًا برتراندرسل.
فصول اشعياء عليه السلام جارية على آأساليب الموازنة في العبرانية، وقد سبق الحديث عن ذلك في الجزء الثاني بمعرض الحديث عن التقسيم، وكلام النبوة عند بني إسرائيل مقابل للشعر عند العرب وليس بشعر ولكن ما صح منه هو حكمة ونبوة. وقد أنكرت صناديد قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم النبوة ونسبوه إلى الشعر، كأنهم يزعمون بذلك أن النبوة أمر خصت به بنو إسرائيل ولا يكون من عربي إلا دعوى وافتراء. وإنما زحزحوه في زعمهم هذا إلى الشعر ليميتوا الدعوة، فأبى الله عليهم ذلك. وعلى تقدير التسليم أن أشعيا كله أو جله أو أوله شعر بكل تأكيد- أو كما قال كاردج ونص لفظه in the most emphatic sense