للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك بأنه قد شاع أن الفقر والأدب متلازمان. وقيل حرفة الأدب بكسر الحاء وضمها أي إفلاس أصحابه وإخفاقهم وشؤمه عليهم. وزعم الثعالبي أن ابن المعتز أصابته حرفة الأدب فلم تزد خلافته على يوم وليلة. ولو قد كان صادقًا في أبياته التي منها قوله:

ولا قائمًا كالعير في يوم لذة ... يناظر في تفضيل عثمان أو علي

ما طلبها «لكل أجل ٍكتاب». وقال المعري يشير إلى معنى دعوة الأدب إلى المكارم فزعم أنه يدعو إلى الباطل، فعكس المعنى كما ترى:

وما أدب الأقوام في كل بلدةٍ ... إلى المين إلا معشرٌ أدباء

وقال يتلاعب بلفظ الأدب بمعنى الآداب وحسن السلوك والأدب بمعنى الدعوة إلى الطعام:

وكلٌّ أديبٌ أي سيدعى إلى الردى ... من الأدب لا ان الفتى يتأدب

أي كل امرئ أديبٌ أي مأدوب لأنه سيحضر مأدبة الموت، سيدعى إلى الموت. ثم فسر كلامه فقال: «أديب» من «الأدب» بسكون الدال أي اسم مفعول على صيغة فعيل من الأدب بمعنى الدعوة إلى الطعام وليست مشتقة من الأدب بالتحريك. «أديب» بمعنى مثقف شاعر أو ناثر وما أشبه، فعيل بمعنى فاعل أي ذو أدب. وقال أبو الطيب فجمع بين معنى الأديب بمعنى المؤدب والحاذق والمثقف يصف ضاربًا أو ضاربة بالعود:

أديبٌ إذا ما جس أوتار مزهر ... بلا كل سمعٍ عن سواها بعائق

يخبر عما بين عادٍ وبينه ... وصدغاه في خدي غلام مراهق

يجوز أن يكون يكني بالغلام عن الجارية والله أعلم. في البيت الأول دليل على الحذق وفي البيت الثاني دليل على الثقافة.

<<  <  ج: ص:  >  >>