للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدل به إلى النظم وزينه بنغمة فيها تكفؤ ورتابة. وأزيدك إيضاحًا، خذ قول الأعشى (١):

شاقتك من قتلة أطلالها ... بالشط فالوتر إلى حاجر

فهي قصيدة نظمت في المنافرة التي كانت بين علقمة بن علاثة وعامر بن الطفيل، وموضوعها من مواضيع الخطب والأسجاع. وقد راعى الأعشى فيها أن يكون خطيبًا أكثر منه شاعرًا في أغلب أبياتها، غير أنه في بعضها غلبت عليه نزعة الشعر وأسلوب الشعراء، فوضع فيها من الكلام ما لا يناسب البحر الذي سلكه خذ قوله في النسيب:

عهدي بها في الحي قد سربلت ... هيفاء مثل المهرة الضامر

قد نهد الثدب على صدرها ... في مشرق ذي صبح نائر (٢)

لو أسندت ميتًا إلى نحرها ... عاش ولم ينقل إلى قابر

فهذا وإن كان غرضًا من أغراض الشعر القديمة تجد الشاعر قد تعمد فيه إلى اليسر والسهولة النثرية. وكذلك قوله في تفضيل عامر:

علقم لا، لست إلى عامر ... الناقض الأوتار والواتر

سدت بني الأحوص لم تعدهم ... وعامر ساد بني عامر

ساد وألفى قومه سادة ... وكابرًا سادوك عن كابر

حكمتموني فقضى بينكم ... أبلج مثل القمر الزاهر

لا يأخذ الرشوة في حكمه ... ولا يبالي غبن الخاسر

يا عجب الدهر متى سويا ... كم ضاحك من ذا وكم ساخر


(١) ديوانه ١٠٤.
(٢) الصبح: إشراق الحلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>