وقد ناحت النساء موجعات على عثمان رضي الله عنه وعلى الحسين رضي الله عنه يدلك على ذلك قول مروان لما جاء نبأ قتله المدينة يتمثل به:
عجت نساء بني زبيد عجةً ... كعجيج نسوتنا غداة الأرنب
وقال جرير في أمر الزبير رضي الله عنه:
إن الرزية من تضمن قبره ... وادي السباع لكل جنبٍ مصرع
لما أتى خبر الزبير تواضعت ... سور المدينة والجبال الخشع
وبكى الزبير بناته في مأتم ... ماذا يرد بكاء من لا يسمع
قال النوائح من قريشٍ إنما ... غدر الحتات وغالبٌ والأقرع
ويروى «لين» مكان غالب وهو لقب لأبي الفرزدق غالب ويقال إن لينًا أراد به الأحنف وهذا أصح. وقد حاكى ابن الرقيات طريقة نوح النساء في مراثيه وقد ذكرنا بعض ذلك في معرض الحديث عن القوافي.
وفي السيرة أن مطرودًا الخزاعي لما جاء في مرثيته الأولى يرثي بها نوفلًا أو هاشم بن عبد مناف بقوله:
يا ليلة هيجت ليلات ... إحدى ليالي القسيات
قيل له لو كان أفحل لكان أحسن فجاء بمرثيته الثانية التي يقول فيها:
يا عين فابكي أبا الشعث الشجيات ... يندبنه خسرًا مثل البليات
فالمرثية الأولى كأنما أريد بها النوح والثانية إلى أن تكون تأبينًا بقصيدة فخمة تروى على الزمان.
شعر الخنساء رضي الله عنها فيه لوعة الفجيعة ورقة مناحة النساء مع ما في ذلك من تعداد المآثر ثم فيه مع اللوعة شدة الأسر وفحولة ما تستحب روايته من جياد القصيد. ثم يخالط مذهب تأبينها وبكائها استشعار فخر وعزاء بذكرى المجد