ومارق من دينه مخرج ... أسود عبد لكع أوكع
وراية قائدها وجهه ... كأنه الشمس إذا تطلع
ولا يخفى على القارئ المذهب النثري في هذا الكلام.
وفي شعر أبي نواس والعباس بن الأحنف من السريعيات عدد وافر. وقد استعمله أبو تمام في كلامه الفخم اتباع للطبقة التي سبقته، فجاء به نابيا جدًا. من ذلك كلمته (١):
ها إن هذا موقف الجازع ... أقوى وسؤر الزمن الفاجع
فهي كلمة في الاستعطاف، وغرضه يصلح لأن يجاء به على مذهب الخطابة النثرية وهذا لم يغب عن أبي تمام، فقد عمد إليه في مثل قوله:
إن حويا حاجتي فاقضها ... ورد جأش المشفق الجازع
فتى يمان كاليماني الذي ... يعرم حداه على الوازع
في حلية النابي وفي جفنه ... وفي مضاء الصارم القاطع
أدل بالقفر وأهواله ... من الدعيميص ومن رافع
ولكن مذهب أبي تمام على العموم مذهب تأن واستعارة وتجنيس، وبحر السريع لا يصلح لشيء من هذا. وأنت تجده غير ملائم لمثل قوله:
تجاوز الخفض وأفياءه ... إلى السرى والسفر الشاسع
أخفق واستقدم في همة ... وغادر الرتعة للراتع
إن أنت لم تنهض به صاعدًا ... في مستراد الزاهر اليانع
حتى يرى معتدلا أمره ... بعد التقاء الأمل الطالع
(١) ديوانه ١٤٨ - ١٥٠ - قوله في حيلة النابي، لأن السيف النابي يحلى حلية حسنة ليخفي ذلك سوء جوهره.