للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الدعاء. تأمل هذه الشيطنة في الفكاهة، أن يبتهل ويتوسل ويدعو الله في أمرٍ هو إثم متذرعًا باسم الحب.

دعوت الذي سوى السموات أيده ... ولله أدنى من وريدي وألطف

ليشغل عني بعلها بزمانة ... تدلهه عني وعنها فنسعف

ويستمر الفرزدق في دعابة دعائه أن يرسل الله على عيني بعل محبوبته العمى ثم يقدم هو طبيبًا فيداويه- أو كما قال:

فداويته عامين وهي قريبة ... أراها وتدنو لي مرارًا فأرشف

ولا يخفى أن الفرزدق ههنا لا يخلو من القصد والعمد إلى السخرية من بعض جوانب المجتمع في عصره، كالذي فعله أبو العلاء بعد زمان في نحو قوله:

لو كان لي أمرٌ يطاوع لم يشن ... ظهر الطريق يد الحياة منجم

وقفت به الورهاء وهي كأنها ... عند الوقوف على عرين تهجم

ويقول ما اسمك واسم أمك إنني ... بالغيب عما في الغيوب أترجم

وهي في اللزوميات.

ثم تمنى الفرزدق أن يكونا هو ومحبوبته بعيرين، كلاهما به عرٌّ يخاف قرافه على الناس «والعر الجرب» ويمكن تأويل هذا من قوله:

كلانا به عرٌّ يخاف قرافه ... على الناس مطلي المساعر أخشف

بأنه يعني إبل الناس فلذلك يطردان فصارا من أجل ذلك:

بأرض خلاء وحدنا وثيابنا ... من الربط والديباج درع وملحف

أي بدل الربط والديباج نلبس الخشن من الثياب درعًا تدرع هي به وملحفًا التحف أنا به أو نلتحف كلانا به ... وقوله «ثيابنا» يعني ثيابها الدرع مكان الريط

<<  <  ج: ص:  >  >>