للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطابة ويستقيم فيهما الحوار الظريف، والوصف المجيء به على أسلوب القصص والخطاب الرقيق في معرض التذكر والغرام والعظات. ودونك أمثلة توضح هذا. خذ رائية زهير:

لمن الديار بقنة الحجر (١)

وزهير كان من أصحاب التجويد والتفخيم، ووازن بينها وبين رائية المسيب بن علس:

أصرمت حبل الوصل من فتر (٢)

واحكم أي الشاعرين لاءمه هذا الوزن الكامل المضمر وانسجم مع ألفاظه.

قال زهير في قطعة النسيب:

لمن الديار بقنة الحجر ... أقوين من حجج ومن شهر

لعب الزمان بها وغيرها ... بعدي سوافي المور والقطر (٣)

قفرًا بمندفع النحائت من ... ضفوى أولات الضال والسدر

وهذا كلام لا ماء فيه، ولا يشبه مذهب زهير في النسيب، وهو مذهب متأنق رشيق يأخذ بأطراف النفس. ولأمر ما زعم القدماء أن هذه الأبيات مما وضعه حماد علي زهير (٤). وكأنما اشتموا منها نفس التكلف. وليس عيبها من حيث أنها تكرار للمألوف المعروف من وصف الأطلال الجاهلية، فلو كان الأمر كذلك لعيبت جميع


(١) مختارات الشعر الجاهلي ٣٠٢.
(٢) ديوان الأعشى الكبير ٣٥١.
(٣) المور: التراب.
(٤) راجع الأدب الجاهلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>