الراء فسرت على وجوه أجودها المواثيق أي العهود وضروب الجواز المأخوذة عليها تغشيها الأمان والسلامة حتى تصل. وقيل ربابها بكسر الراء أي أربابها وقيل ربابها أي قداحها التي يضرب بها على سبيل الفأل فتخرج بأن يسيروا بها نهارًا إذا كانت بيضًا أو ليلًا إذ خرجت سودًا وهذان الوجهان دون الأول الذي ذكرناه.
فما برحت في الناس حتى تبينت ... ثقيفًا بزيزاء الأشاء قبابها
أي حتى تبينت عكاظ وهي في حيز ثقيف فهذا يدل على أن قول الشاعر «بباب الفارسيين بابها» أراد به سوق عكاظ. والزيراء الأرض الغليظة والأشاء النخيل.
فطاف بها أبناء آل متعب ... وعز عليهم ببيعها واغتصابها
أبناء آل متعب سادة ثقيف- وقوله اغتصابها فيه كالمعنى الجنسي وذلك من دأبهم في نعت الخمر يجعلونها كالجارية المشتهاة منالتها فقالوا في شرائها إنه سباء وهو قريب من سبي النساء في اللفظ والمراد. وعز عليهم اغتصابها أي شراؤها وفض ختامها لغلاء ثمنها. وقيل عز عليهم غصبها لأن الشهر الحرام، فمن قال بهذا القول جعل سباء الخمر ضربًا من السبي والسبي لا يكون إلا في الحرب ولا تجوز في الشهر الحرام.
فلما رأوا أن أحكمتهم ولم يكن ... يحل لهم إكراهها وغلابها
أحكمتهم أي غلبتهم في الحكومة والمعنى مأخوذ من القرآن إذ فيه ذكر التحكيم {فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} وكان التحكيم بين الأزواج قديمًا من عرف العرب فأتم الإسلام جانب العدالة منه وقال تعالى: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا} وكان الإكراه من عادة الجاهلية- وهذه المعاني الجاعلة الخمر كالمرأة على سبيل المثال كثر ورود أمثالها عند أبي نواس، وما سار أبو نواس في هذا إلا على