إيماء كما ترى. والبحتري كثير الالتفات -لفتة المتذكر- التفاتة لعلوة. وله من القافية:
تلفت من عليا دمشق ودوننا ... للبنان هضب كالغمام المعلق
وقد نجده إن لم يصرح بلفظ الالتفات أو مرادفه يضمن ما يقوله معناه، نحو:
حنت قلوصي بالعراق وشاقها ... في ناجر برد الشآم وريفه
على أن الالتفات عند الشعراء كثير، فعسى هذا أن يكون مما أغرى أبا عبادة به.
وخاطر شوق ما يزال يهيجنا ... لبادين من أهل الشآم وحضر
ثم أضرب عن على الحنين وأخذ في المديح
بأحمد أحمدنا الزمان وأسهلت ... لنا هضبات المطلب المتوعر
وهذا التخلص أو الخلوص إلى الممدوح على منهج أبي تمام حتى لتحس فيه بعض روح الإيقاع الذي عند أبي تمام.
ثم لما أخذ في صفة ولاية الممدوح البحر وغزوته وبلائه الحسن فيه قال:
هو الغيث يجري من عطاء ونائل ... عليك فخذ من صيب الغيث أو ذر
ولما تولى البحر، والجود صنوه ... غدا البحر من أخلاقه بين أبحر
وهذا من قول ابن محلم صاحب «إن الثمانين وبلغتها» التي استشهدنا بأبياتها في الجزء الأول من هذا الكتاب:
عجبت لحراقة ابن الحسين ... كيف تعوم ولا تغرق
وبحران من فوقها زاخرٌ ... وآخر من تحتها مطبق
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute