أن يضيف إلى ذلك أصولًا نبطية ولاكتفى بطائيته فلم ينزعه منها، ولا يخفى قصده إلى أن يخرجه من نسب العرب ومن أصالة الإسلام معًا. فتأمل ولله در أبي الطيب إذ يقول:
سوى وجع الحساد داو فإنه ... إذا حل في قلب فليس يحول
وأبو الطيب من أوصف الشعراء للطبيعة وقد أفردنا لذلك رسالة بعنوان «الطبيعة عند المتنبي» بمناسبة مهرجانه الذي أقيم ببغداد سنة ١٩٧٧ م (نوفمبر- تشرين الثاني) (١) فأغنى ذلك عن إعادة أكثره ههنا. ونونيته التي أولها:
مغاني الشعب طيبًا في المغاني ... بمنزلة الربيع من الزمان
من الفرائد. وفيها يقول:
ملاعب جنة لو سار فيها ... سليمان لسار بترجمان
ولكن الفتى العربي فيها ... غريب الوجه واليد واللسان
طبت فرساننا والخيل حتى ... خشيت وإن كرمن من الحران
غدونا تنفض الأغصان فيها ... على أعرافها مثل الجمان
فقمن بما يرد الشمس عني ... وجئن من الضياء بما كفاني
وألقى الشرق منها في ثيابي ... دنانيرا تفر من البنان
لها ثمر تشير إليك منها ... بأشربة وقفن بلا أواني
وأموله يصل بها حصاها ... صليل الحلي في أيدي الغواني
إذا غني الحمام الورق فيها ... أجابته أغاني القيان
ومن بالشعب أحوج من حمام ... إذا غنى وناح إلى البيان
وقد يتشابه الوصفان جدًّا ... وموصوفاهما متباعدان
ولو كانت دمشق ثنى عناني ... لبيق الثرد صيني الجفان
(١) () رقم الإيداع بالمكتبة الوطنية ببغداد هو ٩٣٩.