ولا ينكر إلا مكابر أن هذا الكلام مناجاة وتلطف في الحديث. وبحسبك أنه بدأه بتذكر حزين، واختتمه باعتذار المتواضع المقر وجعل فيما بين ذلك يتحدث لك عن أسلوب حياته الماجن بطريقة أشبه شيء بوسوسة إبليس في الصدور.
وقد جارى أبو نواس في هذه اللامية قصيدة امرئ القيس التي مطلعها (١):
حي الحمول بجانب العزل
وفيها من روح الهمس ما لا يخفى، وقد عبثت بها الرواية حتى ضاع أكثرها فيما أرى ولم يبق منها إلا أضغاث - يدل على ذلك كثرة التصريع فيها وعدم تساوق المعاني.
هذا وبحسبنا ما قدمناه من أمثلة للدلالة على أن الكامل الأحذ والمضمر كليهما بحرا رقة وحوار وقصص سهل رقيق، ولا يصلحان للتفخيم والكلام الضخم.