للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بل لعله تجاوز الأخذ إلى السرقة) وذلك أن نيكلسون وآخرين من المستشرقين غضوا من قدر أبي الطيب. فما أدري أصنعوا هذا وهم يعلمون مكان الأخذ منه فعمدوا إلى أن يخفوه، أم لمحض الجهل بقدره، وهذا ما أرجحه؛ لأن الذي يكون قد قصد إلى الإخفاء هو الآخذ وهذا المعنى قد وضعه أستاذ النقد والأدب أبو عثمان رحمه الله.

قال نيكلسون في كتابه عن تاريخ الأدب العربي في الفصل الذي تحدث فيه عن المتنبي (انظر طبعة كمبردج- سنة ١٩٦٦ م ص ٣٠٧ - ٣٠٨) ما ترجمه على وجه التقريب (١) (وكل ترجمة تقريب وإن شاء القارئ الكريم رجع إلى النص الإنجليزي حيث ذكرنا موضعه):

«يقول ابن خلكان أما شعره فهو في النهاية، ولكن الأساتذة الأوربيين باستثناء فون هامر لا يشاركون في هذا الإعجاب المتحمس للمتنبي بشيء، وتشهد بذلك أقوال رايسك ودي ساسي وبوهلين وبروكلمان وغيرهم في هذا الموضوع. ولا ريب أن منزلة المتنبي بحسب قوانين ذوقنا دون منزلة مشاهير الجاهليين بكثير. وينبغي بالنسبة للعصور المتأخرة أن يجعل دون أبي نواس وأبي العتاهية. إن محبي الشعر كما يفهم من مدلول هذا اللفظ في أوروبا لا يمكن أن يجدوا فيما كتبه المتنبي من لذة أو متعة فنية بل على العكس سيتقززون من المحاسن التي يزعمها له النقاد العرب بمثل أو بأكثر مما يتقززون من مساوئه» أ. هـ. أقول ليهن «فون هامر» الانفراد والشذوذ، فإن أكثر الذين ذكرهم نيكلسون ممن يصح أن يدرجوا فيما وصف به الجاحظ أبا عمرو الشيباني في كلمته المشهورة من أهل النقد حيث قال: «وأنا رأيت أبا عمرو الشيباني وقد بلغ من استجادته لهذين البيتين ونحن في


(١) () بلغني أن الدكتور صفاء خلوصي ترجم تاريخ نيكلسون الأدبي، فحرصت على أن أصيبه فلم أقدر على ذلك إلى الآن.

<<  <  ج: ص:  >  >>