عصيان آدم وحواء هو الذي أبدى لهما سوءاتهما وجر عليهما الهبط- (قال المعري يذكر خروجه عن بغداد وكان بعد إذ سار عنها مما يذكر حنينًا إليها:
وما سار بي إلا الذي غر آدما ... وحواء حتى أدرك الشرف الهبط
يشير إلى قوله تعالى:{اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ} والهبط بفتح فسكون كالهبوط).
مزيد من تأمل حديقة مارفيل يرينا أنه هناك سوى هذين المعنيين:«لها ثمر تشير إليك منه إلخ» و «يقول بشعب بوان حصاني إلى قوله مفارقة الحنان» معانٍ أخر كثيرات مشتركة اشتراكًا يرجح بالذي نزعمه من أن مارفيل حاكى أبا الطيب رجحانًا على كل شك حتى لقد يصل به إلى جزم ويقين.
أول قصيدة أبي الطيب:
مغاني الشعب طيبًا في المغاني ... بمنزلة الربيع من الزمان
ولكن الفتى العربي فيها ... غريب الوجه واليد واللسان
ملاعب جنة لو سار فيها ... سليمان لسار بترجمان
طبت فرساننا والخيل حتى ... خشيت وإن كرمن من الحران
فيه مدح الشعب بالبهجة الفائقة. ثم انفراد أبي الطيب مع هذه البهجة وغربته التامة عمن حوله إلا عن هذا الشعب ثم كون هذا الشعب عالمًا مسحورًا إنما هو كملاعب جنة يعيا بها سليمان ثم حتى الخيل والفرسان الذين معه قد ذابوا في الشعب وازدهاهم فكما انفرد عنهم أبو الطيب كذلك انفرد كل منهم عنه، وكذلك الخيل حتى هي قد انفرد كل منها عن فارسه، وهذه حالة يخاف معها الحران ومع الحران يكون سقوط الفارس عن فرسه -والأبيات كلها يهيمن عليها معنى التعجب الذي عبر عنه «بملاعب جنة» ومعه الإعجاب- ومع ذلك الوحدة اللذيذة التي يخاف