وزيادة ليست عند المتنبي، ولا نرى ذلك كما تقدم بل نراها صدى لطمرة ونيالة الطلبات- كأن هذا متضمن معناه في قول بليك:
In what distant deeps ...
فقوله distant منبئٌ عن البعد المطلوب واستفهامه بإنكار أن يطمح ذو جناح في الوصول إلى هذا البعد، فيه الصدى الذي ذكرناه.
والقسم الثالث من كلام بليك تساءل فيه عن الكتف والمنكب الجبار مع المهارة التي تقدر أن تلوي طرائق عضلات قلب «التيقر» -أي حين تهيئتها وصناعتها. والمهارة فيها دلالة على اليد والساعد. وههنا فكرة «متنا أزل وساعدًا مفتولًا» بقيت فكرة المهارة (Art) التي كأنها زيادة على ما عند المتنبي. وتأملة يسيرة ترينا أنها من قول أبي الطيب:«يطأ الثرى مترفقًا إلخ» والأسد يطأ بيديه ورجليه وبخلقه القوي الباطش ومتنه الأزل. وأن يصنع ذلك برفق كرفق الآسي وهو الطبيب، إذ يجس العليل، هذه مهارة.
وعندما فرغ الصانع من صنعه وجعل قلب «التيقر» يدق دقاته، يا للساعد الرهيب ويا للقدم الرهيب- ذكر الساعد والقدم ههنا منبئ عن مشية التيقر المتبخترة المخيفة مع بريق عينيه. هي نفس نعت المتنبي لأسده. لا اختلاف إلا أن هذا الذي ينعته بليك «تيقر» (Tyger- كما تهجاها بليك والتهجئة الحديثة tiger) والتيقر في ضخامة الأسد وشراسة النمر.
ولم يشر أبو الطيب في نعته إلى قلبٍ يجب، ولكنه ذكر البربرة والزمجرة ودق الحجار بالصدر والصدر فيه القلب الشجاع المقدام المرهوب المنبعثة منه نار العينين.
وفي القسم الرابع ذكر بليك السندان (بفتح السين هذه الكلمة لا كسرها) والسلسلة. ولا يخفى أنه قد لابس فكرة نار العينين عند بليك فكرة سرقة بروثيومس للنار وأنه قيده رب الألمب عقابًا له.