صاحب الأغاني في معرض حديثه عن الأحوص بعض حال الشعراء ورواتهم قال (انظره في الجزء الرابع من طبعة دار الكتب المصورة ص ٢٥٦): - «أخبرني الحرمي بن العلاء والطوسي قالا حدثنا الزبير بن بكار قال حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز قال حدثني عبد الله بن مسلم بن جندب الهذلي قال حدثنا شيخ لنا من هذيل كان خالًا للفرزدق من بعض أطرافه قال:
«سمعت بالفرزدق وجرير على باب الحجاج فقلت لو تعرضت ابن أختنا فامتطيت إليه بعيرًا، حتى وجدتهما قبل أن يخلصا ولكل واحدٍ منهما شيعة، فكنت في شيعة الفرزدق فقام الآذن يومًا فقال: أين جرير. فقال جرير: هذا أبو فراس فأظهرت شيعته لومه وأسرته. فقال الآذن أين الفرزدق؟ فقام فدخل. فقالوا لجرير أتناوئه وتهاجيه وتشاخصه ثم تبدي عليه فتأبى وتبديه؟ ً! قضيت له على نفسك. فقال لهم: إنه نزر القول ولم ينشب أن ينفد ما عنده وما فال فيه فيفاخره ويرفع نفسه عليه، فما جئت به بعد حمدت عليه واستحسن. فقال قائلهم: لقد نظرت نظرًا بعيدًا قال: فما نشبوا أن خرج الآذن فصاح: أين جرير؟ فقام جرير فدخل. قال: فدخلت فإذا ما مدحه به الفرزدق قد نفد، وإذا هو يقول:
أين الذين بهم تسامي دراما ... أم من إلى سلفي طهية تجعل
قال: وعمامته على رأسه مثل المنسف، فصحت من ورائه:
هذا ابن يوسف فاعلموا وتفهموا ... برح الخفاء فليس حين تناجي
من سد مطلع النفاق عليكم ... أم من يصول كصولة الحجاج
أم من يغار على النساء حفيظة ... إذ لا يثقن بغيرة الأزواج
قل للجبان إذا تأخر سرجه ... هل أنت من شرك المنية ناجي