للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المحال الأولى بكسر الميم والثانية بضمها أي جل في المكر ولو بالباطل المحال الذي لا يمكن ثبوته كما قال الشريشي:

وفارق أباك إذا ما أباك ... ومد الشباك وصد من سنح

ولذ بالمتاب أمام الذهاب ... فمن دق باب كريم فتح

من حذق الحريري اتبع في نظم هذه الحائية سبيلًا قريبة من سبيل سجعه في المقامات، فيكون الخروج من النثر إلى النظم كأنه تدرج طبيعي لا كلفة فيه، وذلك أنه لزم ترصيعًا فيه حرية ويجيء فيها المضموم مع المخفوض والمنصوب. وظاهر هذه القطعة في مدح الخمر وذكر محاسنها ومنافعها، وإلى هذا الوجه ذهب الشريشي رحمه الله، فجعله ذريعة إلى كتابة فصل كامل في أوصاف الخمر. وباطن القطعة نقد لضروب من أصناف المجتمع يمثلها هذا الشيخ الذي ساق بدهائه رقاق الأحاديث والوعظ ليجني اللذات.

وأورد الثعالبي في يتيمته رائية فريدة في بابها لأبي دلف الخزرجي الينبوعي وعلى حذوه حذا الحريري في بعض ما صنع من صفات المكدين.

وظاهر هذه الرائية أنه أراد التظرف والفكاهة بتعداد أصناف أرباب الكدية وحيلهم. ولكنه ضمنها نقدًا وسخرية بارعة. وذكر الثعالبي أن الخزرجي عارض بها دالية لمن سماه الأحنف العكبري. فيكون هذا الضرب من الشعر قد كانت منه نماذج عدد يحذي عليها. ومما جاء فيها قوله، بعد أبيات نسيب استهل لها أولها:

جفون دمعها يجري ... لطول الصد والهجر

وقلب ترك الوجد ... به جمرًا على جمر

<<  <  ج: ص:  >  >>